عذرا فيروز ومعذرة.. لم يحن الآن موعد الوداع الذي حفظناه، دمعا، في أغنيتك الشهيرة "أنا صار لازم ودعكن" لأننا نأمل معك أن يكون "بكرا" بعيدا وبعيدا وبعيدا..!
وقع الألم والصدمة على محبيك كان كبيرا جدا بعد أن فكروا لوهلة أن حياتهم كيف لها أن تكون من دون حديث الحب الصباحي والمسائي المرصع بصوت الملائكة فيروز.
إشاعة الوفاة أثارت الذعر بين جمهورك العربيِّ الكبير الذي استفاق صباح أول من أمس على خبر يفيد أنَّ "سفيرة لبنان إلى النجوم" توفيت، إلى أن صرحت مصادر مقربة بنفي الخبر، وأنك والحمدلله، بخير وبصحة جيدة، وتتنفسين الحرية.
إن القدر حق سيأتي في يوم من الأيام، لكننا نتمنى أن يطيل الله في عمرك، فأنت التي ملأت الأرض بكلمات العشق والاشتياق للحبيب والأرض والوطن والطفولة، وما يزال في جعبتك الكثير من الحب والعطاء لتنثريه رذاذا ناعما نديا على حياتنا الخشنة.
أنت الأمل الذي يتسلل ما بين أيامنا الصعبة والمثقلة بالهموم، لتبعثي البهجة، وتشاركينا تفاصيل حياتنا بحلوها ومرها، بصخبها وهدوئها.
لم تشبع الإنسانية بعد من عالم الروعة الذي غرسته فينا، وفي ذاكرتنا التي تسترجع معك أحلى اللحظات وتعيد لنا ابتسامة ترافقنا العمر بأكمله.
تعودنا منك دائما كل ما هو جديد ومتجدد، وجمهورك ما يزال يتوقع مراحل أخرى من مشوارك الممتلئ بالعطاء والتميز، وما يزال غناؤك حالة خاصة وفريدة لا يشبهك فيها أحد.
وجود فيروز في حياتنا ضرورة لا غنى عنها، فحين نسمعها نشعر بطمأنينة غريبة تعتري أرواحنا وقلوبنا، ومع صوتها نعانق السلام ونعشق الراحة والهدوء، ونهرب إليها من ضجيج الدنيا.
صباحاتنا لا تكتمل إلا مع أغنيات فيروز العالقة في البال، وشتاؤنا جاف إن لم يكن فيه صوتها كقطرات الندى ينعش وجداننا ويوقظ ذكريات الفرح في قلوبنا، ويهطل علينا بالدفء المرتبط بالحنين.
فنجان القهوة الصباحي مرتبط بفيروز وبذلك المشهد الجمالي على رمال البحر، وعلى الطرقات وفي المقاهي، وعلى محطات الإذاعة. وفي بلاد الغربة أنت الحنين الذي يذكرنا بالأحبة وبأجمل اللحظات التي اختبرناها مع الوطن.
فيروز أنت فقط لأي مكان وفي كل زمان، ورفيقة الفرح بسحر صوتك الذي لامس قلوب الملايين، حافظت على قامتك العالية خلال سنوات عمرك الحافلة بالحب والعطاء، وانخرط بقضايا الوطن، فزرعت كثيرا لتحصدي عشق الناس الأبدي الذي تجلى في إشاعة رحيلك.
لم تتوقف فيروز عن العطاء بعد 77 عاما من عمرها المديد، وسيبقى جمهورها متعطشا لصوتها وموسيقاها العذبة في حديث الصباح والمساء، وفي أول كلام العشق وفي دقة القلب الأولى مع الحبيب.
مكانة فيروز وأغانيها وعفويتها تحرك لحظات الجمال في أيامنا، فهي أصبحت جزءا من الضمير الجمعي لجميع الناس والعشاق، وصارت القمر الذي يوزّع ضياءه علينا خفقة خفقة.
"إيه في أمل.." أن تظلي بيننا يا رسولة الحب والفرح.. ونبقى سوا وصوتك بالليل
يقلي وأنا عم اسمع
بحبك حتى نجوم الليل
نجمة ونجمة توقع ..
f.alhassan@alghad.jo
الغد