عيد سعيد .. سعـيـد ميـن ؟
09-10-2007 03:00 AM
عيد( سعيد) ..
سعيد فين ، أبحث عنه كالباحث عن كومة مساميرفي طن شعير.
نزلت السوق لعل وعسى ..
ليس لي إلا سقف السيل ودكاكين البالة ، لا بد أن يكون غاطس بين شوالات الرائحة الرطبة والستاندات المرصوصة بالماركات الأجنبية الأوربية والأمريكية ، عدا الدكاكين المتخصصة في الصيني نخب أول .
ميزت صوته من بين الأصوات ، رفيع يزقزق زقزقة ينادي على قطيع الخراف الذي يرعى أمامه . على ساعده طفل يبكي ، وبكل ساق بنطلون يتعلق طفل ، وبنت تمسك يد أختها متأففة : " يا بااا .. فـــلحة ، بدها تروح الحمام " .
ماشاء الله ، لديه عائلة من ثلاث صبيان وبنتين .. خمسة بعين الحسود.. !
تخرج من بين الفساتين والحبال المعلقة زوجة ( سعيد) ،وكأنها خارجة من معركة يا قاتل يا مقتول .. يسبقها بطن منفوخ ، على يدها بنت تصرخ ، يجر ثوبها صبـي وبنت ، ونصف شاب يتمتم : " خلصوني ، بهدلتونا ، تأخرنا ، راح موعد الباص .. " .
أبتسمُ في وجه أم العيال ، أداعبُ الصغيرة ، أناولها حبة ملبس حامض حلو لتسكت ، يهجم الباقي كالتتار: " وأنا .. أنا ..".
أحمد الله أني أحمل كيسا للتوزيع ..
- شكرا يا خـــْـــــتي ، والله انت بايــْن عليكِ بنتْ ناسْ ..
- أم شو ، بلا صُغرا ؟
- أم محمد ..
- الصغار كلهم اولادك ؟
- لْعادْ اولاد الجيران ..!
- الله يخليهم كلهم على راس بعض ، والظاهر أنك على وشك ولادة ..!
- صدقي يا ختي انا و (سعيد ) قلنا خمسة بيكــفــي ، والباقي عن طريق الغلط .. حبوب منع الحمل نشفوا الحليب، وكل يومين أتذكر أشرب حبة .. واللولب صار عندي وجع ظهر ونزيف ، ترى مافي طريقة إلا واستعملتها وما نْجـــحْــت.
تعبانه منهم زي القرود ، غير ما نلحًّــقْ عليهم لا أكل ولا شرب ولا مصاريف والمسكين (سعيد) كل راتبه 150 دينار بدون خصم ، وبيشتغل في مطعم بعد الظهر، وفي الليل ساعتين يبيع عرانيص دُرة في شارع ( ...) الجديد . يصل البيت مهدود الحيل ، بيني وبينك صحيح تعب ، بس الأولاد عزوة في الكبر ..
- يا أم محمد ،اِنت ساكنة بعيد ؟
- آه . في جبل (....) ، مستأجرين بيت .. غرفة واسعة ومطبخ ودورة مية وحمام .
- كلكم في غرفة ؟
- الغرفة يا أختي واسعة ، في النهار للجلوس وفي الليل نمد الفرشات ..
- معلش لو مافيها إزعاج على السؤال يا أم محمد .. متى انت وزوجك (سعيد) يعني تكونوا على انفراد و.........؟
- يجازيك على السؤال .. الصبح الأولاد يروحوا المدارس ، والصغار يلعبوا في الساحة مقابل الباب و... !
هنا انضم إلينا (سعيد) :
- مرحبا يا أختي .. هاااا يا أم محمد ، إخترت الملابس ، خليني أحاسب ..!
و يغادرنا بعمود فقري منحنٍ .. لحية مهملة ، و خطوات مترنحة ، يسوق قطيع الخراف.. يودعني بنظرة طويلة .. متفحصة .. ينهر أم محمد :" هذه ست و أنت ست ... ؟؟ " ، بينما الصغار يصيحون بصوت واحد :
- اليوم عيد يا .. لالالا .. ولبست جديد يا .. لالالا !!