كان طفلها يرفض النوم فاقتربت منه لتروي له قصة من القصص التي تروى للاطفال قبل النوم فقالت:
يحكى ان رئيسا للوزراء جاء ليكافح الفساد في بلدنا .. وفي الايام الاولى لتوليه المنصب طلب من اعوانه ان يجهزوا له الملفات التي سيصطاد بها الفاسدين.. وعلى الفور بدأوا يعملون كخلية نحل يجمعون الاوراق والمستندات حتى يتمكن الرئيس من تنفيذ مهمته الصعبة .. في هذه الاثناء شاع في البلاد ان الرئيس سيقضي على الفاسدين ولن يترك منهم احدا.. الا ان احدا من الفاسدين لم يحرك ساكنا ولم يسمع عن هروب أي فاسد خارج البلاد خوفا من هذا الرئيس!
استشاط الرئيس غضبا من تطنيش هؤلاء الفاسدين وكيف انهم لا يبالون بما يقوم به.. فسأل على الفور ما هو اهم ملف فساد يشغل الناس.. فقالوا له: الفوسفات يا سيدي.. فقال: ائتوني به لافسفس عيشة هؤلاء الملاعين واجعلهم يعرفون من انا!
وخلال دقائق كان ملف (الفوسفات) على مكتب الرئيس.. وطلب من "الحاشية" ان ينصرفوا حتى يتمكن من دراسة الملف بتأني والتعرف على حيثيات الموضوع.. وبعد عزلة دامت لايام بين الرئيس وملف الفوسفات خرج الرئيس من عزلته معلننا على الملأ احالة الملف لمجلس النواب كونه صاحب الاختصاص لوجود متورطين في هذ الملف من "علية القوم"!
طلب الرئيس من اجهزته ان يتم اتخاذ كافة الاحتياطات خوفا من هروب هؤلاء خارج الوطن.. الا ان الاجهزة بعثت للرئيس ان جميع من وردت اسماؤهم في التقرير يمارسون "الهش والنش" في ربوع الاغوار ولا نية لديهم للهروب.. فارتفع ضغط الرئيس بسبب ان الفاسد "يهش وينش".. وهو "يفتش ويبحبش" وراءهم وهم لا يبالون.. فقال له احد المقربين من الرئيس: دعهم اليوم "يهشون". لانهم غدا "سيندمون"!
انتهت لجنة التحقيق النيابية من عملها في التحقيق بملف الفساد.. وتسربت معلومات ان الملف سيحال الى القضاء لا محالة لوجود مخالفات صريحة وواضحة في اتفاقية الفوسفات حال وافق المجلس على ذلك في جلسة يوم الاربعاء.
علم الرئيس مثلما علم الشعب بتلك التسريبات.. فقال ارصدوا لي حركة الفاسدين حتى يأتي يوم الاربعاء وننتهي من تلك (الميمعة).. فقالوا له: لقد رصدناهم يا سيدي انهم يشربون (الكوكتيل) و(النسكافيه) ويضحكون ليل نهار.. فقال الرئيس: تبا لهم على ماذا يضحكون وغدا سيحاكمون!
بزغ فجر الاربعاء وجلس الشعب ينتظر بفارغ الصبر قرار مجلس النواب الاردني بخصوص هؤلاء..
الطفل: اخ اخ اخ..
الام: ما بك يا ولدي (تشخور) الا تريد ان اكمل لك القصة
الطفل: صار لك ساعة بتسولفي عن الفساد وانا مصدق القصة .. أي قولي من اول إن القصة بتنتهي عند مجلس النواب كان نمت من اول سطرين!
salehabuarab@yahoo.com
العرب اليوم