حرية الصحافة ومكمن الخطر!
د. محمد ناجي عمايرة
09-10-2007 03:00 AM
نعود إلى الحديث عن الصحافيين وحرية الصحافة وما يثار هنا أو هناك في البلاد العربية من مسائل تتصل بها وأحكام بالحبس بحق صحفيين او رؤساء تحرير او ايقاف صحف عن الصدور او تعليق رخص اصدارها، او رقابة على الصحافة الورقية والالكترونية.ونقول ان تصريحات القيادات العليا في عدد كبير من الدول العربية تؤكد حرص القيادة على حرية الصحافة ورفضها فكرة حبس الصحفي لأسباب تتصل بممارسة حقه في التعبير وأدائه السليم لمهنته. يحدث هذا وسط انتقادات واسعة في العالم لغياب حرية الصحافة الفعلية في المنطقة العربية، بشكل أو بآخر، على الرغم من التصريحات والبيانات والقوانين الموضوعة والنصوص الدستورية التي تقول ان الصحافة والطباعة حرتان. ولكن هذه النصوص تصطدم بقوانين مفسرة لها، تجعلها مفرغة من مضمونها في كثير من البلدان العربية، مع شديد الأسف.
إن ربط قوانين الصحافة والطباعة والنشر الورقي والالكتروني بقوانين العقوبات، أي ربط ما هو خاص، بما هو عام، يلحق أذى بحرية الصحافة ويحد منها، ويسهل احكام السجن على الصحفيين بدعاوى مختلفة لا ترتقي الى مستوى تلك الاحكام.
واذا كان من السهل على السلطة التنفيذية ايجاد المسوغات التي تحكم على الصحفي بالسجن، فان الربط بقانون العقوبات، حين يخلو قانون الصحافة والمطبوعات، من نصوص تسوّغ تلك الاحكام القاسية، يجعل حرية الصحافة صرخة في الفراغ.
نلتفت حولنا، فنجد ازمة في مصر، واخرى في الامارات، وغيرها في فلسطين، ومثلها في لبنان، تتصل جميعها بطريقة ممارسة الصحفيين لمهنتهم وادائهم لرسالتهم. ولا شك في أن فرض احكام بالسجن على الصحفي لمجرد انه عبر عن رأيه او نشر خبرا معينا، يجعل الصحافة مهنة خطرة، ولا يشجع الناس على التعبير عن آرائهم، وهذا يعرقل بالتالي مشروع الاصلاح الوطني الذي تتحدث عنه سائر الدول العربية، ويضعف المشاركة الشعبية، مثلما يحول بين الصحافة وبين قدرتها على اداء دورها الرقابي في البلاد، في حين اننا نفترض ان الصحافة هي عين المواطن، او الرقيب الحقيقي على اداء السلطة التنفيذية بل سائر السلطات وان عملها في خدمة المجتمع كله، ودون تمييز بين سلطاته، مع احترام تلك السلطات، وعدم التجاوز عليها.
ولا نجد ان هناك حاجة الى القول ان ممارسة المهنة تتصل بميثاق شرف اعلامي، عربي، رفيع المستوى يحول دون تغول الصحافة، او خروجها على النهج الديمقراطي، او اضرارها بالمجتمع او ببعض افراده أياً كان مستواهم التراتبي في الحياة العامة.
هل نكون بهذا الكلام نجدف ضد امن المجتمع واستقراره، ام اننا نعزز هذا الامن ونصونه ونحميه؟! سؤال كبير على السلطة التنفيذية في الدول المعنية ان تجيب عليه وان تقتدي بقياداتها العليا اولا واخيرا.