لماذا غاب الإبداع عنا؟؟ .. وهل قبلنا بالتلقين كأسلوب مقبول للنهوض بالتعليم العالي!!
د. محمد الخصاونه
08-03-2012 03:25 PM
عمون - ما أن تقرأ مقالة في صحيفه أو خبراً عما يطلق عليه اختراع من نوع معين أو ابتكار من نوع آخر فإنك لا تلبث أن تبدي ذهولاً مما عرفت أو به ألممت نتيجة ما قرأت!! فإنك سرعان ما اعتقدت بعظم ما عليه اطلعت، فإنك للتو قد علمت عن خبر قد رفعت به الرايات وشدت به الهمم... إلا أنه سرعان ما أدركت بأن ما عليه اطلعت إنما كان من نسج الخيال وتسيير الأوهام!! فالإختراع الذي عنه للتو قرأت قد تبدد في طيات الحقيقة المرة لما انقشع الزيف وتبدد الغمام!!! فهل آل مصير الإبداعات إلى هذه الدرجه من الإستهجان؟ أم هل آل هذا المصير إلى مثل هذا الزيف الصارخ والتهويل الوهمي المبيت البعيد كل البعد عن ما هو حقيقي؟؟!
إن التعليم العالي في أي بلد من البلدان التي أدركت أهمية الإقتصاد المعرفي في بناء المجتمعات وتحقيق خطط التنميه للأجيال الصاعده من بعد كان من أهم الأركان التي أوليت الإهتمامات على كافة الصعد... في مثل هذه البلدان الرائده في عالمنا هذا أدت سبل التعليم العالي إلى تنمية روح الإبداع بين الجمهور المتلقي لروح المعرفه وحفزت منذ المهد رغبة الأجيال في الخوض في أبواب الصناعه والتصنيع (تلك منها المبنيه على المعرفه المكتسبه) واكتساب روح المبادره لتحقيق طموح الذات التي تصب في تحقيق الصالح العام... في تلك الدول بنيت الأجيال على التفكير الناقد والعمل بروح الفريق الواحد وتحقيق غايات الإبداع الذي يؤدي في نهاية المطاف إلى تجسيد المقوله المعهوده "الحاجه أم الإختراع" إلى أرض الواقع...
أما ما حصل في بلادنا واستمر على ما هو عليه وبقينا نلوم أيام الإستعمار تارة والقيادات تارة أخرى في الخزي الذي نحن فيه كان هو نتيجة سياسات فاشلة لم يوفق من وضعها إلى وضعها بالشكل الصحيح فكان أسلوب التعليم لدينا مبنياً على طريقة التلقين الباليه التي باتت هي الطريقه السائده فتعفنت بسببها عقول الأجيال ولم نوفق بعدها لرؤية النور الذي كان سيوجهنا للحراك في الإتجاه الصحيح ولم نجد بين ظهرانينا من يقول كلمة الحق أمام المسؤول والقياده وغلب طول البقاء في المنصب على كل ما كان ليصب في تحقيق الصالح العام فيما لو اتخذت الأمور شكلاً آخر!! فأخفينا الحقائق خلف ظهرانينا وتظاهرنا لقيادتنا بأن الأمور تسير على خير ما يرام وبقينا نرى نفس الوجوه تأتي وتذهب في مواقع التخطيط دون أن يكون لديها أيه أهداف أو مخططات واضحة المعالم فانطبقت عليها قصة جحا الذي طلب فيها أحد الملوك أن يتم البحث له عمن يستطيع تعليم حماره الكلام وربما الكتابه!!! فتبرع جحا بهذه المهمه وأخبر الملك بأن الموضوع يحتاج إلى عشرون عاماً من العمل... وأنتم تعرفون البقيه!!
إن هذا الحديث عن موضوع الإبداع هو من صميم ما يرى المرء من أمور مؤلمه أصابت أجيالنا التي كنا سنعتمد عليها في بناء مستقبل الأمه في مقتل... إلاً أن الألم الأكبر يكمن في عدم قدرتنا عن الحياد عن طريق الضياع وإصرارنا على المضي فيما وجدنا عليه آباءنا وأجدادنا من أخطاء ويا ليتنا تمسكنا بالقيم المثلى التي كانوا يمتلكونها لكان وضعنا غير ما نحن فيه من ضياع... إن تصويب الطريق هذا يعتمد بشكل أساسي على تكاتف وتظافر الجهود وأن نبتعد عن ثقافة الكراهيه التي سادت في مجتمعنا وغلبتنا، فأخذتنا العزة بالإثم وعمينا عما كان من الأولويات التي فاتنا الإعتناء بأمرها!!!
إنه أن استطعنا أن نغير مسيرنا نحو طريق "قد" يؤدي بنا في نهاية المطاف إلى تحقيق ثقافة الإبداع، الأمر الذي قد يستغرقنا عقدين إلى ثلاثة عقود من الزمان، فإنه سيكون بمقدور الرجل العام أن يسير في مدينته مليئاً بالفخر واعتزاز الذات بأن ما يبتاعه من متاع الحياة الدنيا بات من "منتج بلدي"، إلا أن ما سيجلبه هذا الطريق معه على طريقة تحصيل حاصل هو استعادة بعض ما فقدناه من قيمنا وثقافة الهوية الحقيقيه التي باتت في عالمنا الحاضر شيئاً من نسج الخيال في خضم انشغالٍ بتحقيق أمور اختلط بها الحابل بالنابل فانتشرت ثقافة الفساد... إن الفساد في العادة لا ينتشر في المجتمعات المنتجه بنفس القدر الذي أصبح ينغل فينا ويعصف بمجتمعاتنا قاطبة!! فلو كنا أمة منتجه لما انقاد التفكير بأمور هابطه لزيادة الثروات وتكثير رؤوس الأموال، ولانشغلنا بأمور لها علاقه بتحقيق الكم النوعي في كافة مناحي حياتنا.
إننا نناشد القيادة وأركان الدوله التدخل لترشيد مسيرة الأمه التي ضلت سبيلها فما وجدت القياده ولا الدوله من الناس من يقول كلمة حق (أليس منكم رجل رشيد؟) في نقل الحقيقه عن أمور مختلفه في مجتمعنا ولا عن حقيقة الدمار الشامل الذي ألنا إليه نتيجة تقصير كل فرد فينا في الحفاظ على نظام تعليم محصن من المؤثرات السلبيه وبالتالي معرض لكل ما أصابه من أوبئه أدت بنا إلى فقدان البصر والبصيره عما يحصل من حولنا فانتشر فينا الفساد!!