من عادتنا أن نطالب المسؤولين بالانفتاح على الرأي العام والتواصل مع الجمهور، حتى إذا تكلم مسؤول وخاطب الرأي العام في وسائل الإعلام، قمنا بتصيد كلمة هنا وعبارة هناك لانتقاده وتدفيعه ثمن تجاسره على التعبير عن رأيه، خاصة إذا لم يعجبنا ذلك الرأي.
يخطر بالبال في هذا المقام تحذير وزير المالية من أن استمرار الأوضاع والاتجاهات المالية الراهنة دون إصلاح قد يصل بنا إلى أزمة، كما حصل في بلدان أخرى تمادت في العجز والمديونية كاليونان. كانت النتيجة ضجة هائلة وكأن أصحابها يرفضون الإصلاح.
قبل أيام أجرت شبكة تلفزيوينة مقابلة مع المرشح الرئيسي للحزب الجمهوري في الحملة الانتخابية الرئاسية الراهنة، وقد صال المرشح وجال، إلى أن وصل إلى عبارة تقول أنه ليس قلقاً على الفقراء جداً، فهناك شبكة أمان لهؤلاء.
هذه العبارة قد تصادر فرصة المرشح في الفوز في الانتخابات، ذلك أن خصومه أرادوا أن يفهموها على أنها اعتراف صريح بأنه من مجموعة الواحد بالمائة من الأميركيين الأثرياء الذين لا يكترثون لفقر الفقراء.
اللقاء الذي أجراه سمو الأمير الحسن مع التلفزيون الأردني بعد غياب طويل، مثال آخر على ما نقول، فقد تحدث الأمير بلغة المثقفين في الندوات الفكرية فرد عليه البعض بلغة وشعارات المظاهرات الشعبية.
الأمير حاول تحدي بعض الاتجاهات والممارسات، فكان حديثه نوعاً من العصف الفكري لإيضاح أن هناك وجهاً آخر لقطعة العملة، من المناسب أن نراه ونفهمه قبل أن نصدر أحكاماً كاسحة.
حرك الأمير المياه الراكدة، وحث على التفكير. وإذا كان نجاح مقابلة صحفية يقاس بردود الفعل التي تطلقها فقد كان النجاح باهراً.
كل مسؤول أردني نطق، تعرض للنقد والتجريح، وصدرت بحقه مقالات طويلة وعريضة تنشرها بعض وسائل الإعلام للظهور بمظهر الجرأة، مع أنه حتى التهجم على المسؤولين الحاليين والسابقيين لم يعد من الجرأة في شيء، خاصة وأن الجرأة لم ُتعرف عند كثيرين من هؤلاء النقاد عندما كانت الجرأة مكلفة.
في الجانب الإيجابي فإن ما حدث يعتبر دليل حيوية في المجتمع الأردني تستحق الترحيب شريطة عدم الخروج عن حدود اللياقة واحترام الرأي الآخر.
الراي