تنظيم الإعلام الإلكتروني .. جدل مبكر
05-03-2012 03:17 AM
عقدت الحكومة العزم على إصدار قانون لتنظيم عمل المواقع الإلكترونية. ويتوقع أن تحيل مسودته إلى مجلس النواب قبل نهاية الدورة الحالية للبرلمان.
لم تتضح معالم القانون بعد. وفي المقابلة مع "الغد"، قال رئيس الوزراء عون الخصاونة إن الحكومة لم تضع حرفا واحدا في القانون حتى الآن. أما وزير الإعلام راكان المجالي، فقد تعهد بإجراء حوار مع الأطراف المعنية قبل إقرار الصيغة القانونية.
رغم هذه التطمينات، يستشعر القائمون على الإعلام الإلكتروني الخطر بمجرد الحديث عن تشريع ينظم عملهم. وبدأ بعض الزملاء هجوما مبكرا على الفكرة لدفنها في مهدها، كما حصل مع حكومات سابقة.
بيد أن الوضع مختلف هذه المرة، وأعتقد أن من الصعب خوض المعركة ضد القانون بنفس الأسلوب والأدوات السابقة. هناك إرادة قوية، وعلى جميع المستويات في الدولة، مصممة على وضع حد لما تسميه "فلتان الإعلام الإلكتروني" الذي تحمله المسؤولية عن الإساءة لسمعة الأردن في الخارج، وتصويره على أنه بلد فاسد، إضافة إلى الإساءة لسمعة الأفراد والمؤسسات التي تحفل بها مواقع إلكترونية تعتمد في أخبارها على الإشاعة والفبركة بدون مراعاة لأبسط قواعد العمل الإعلامي وبدهياته.
والانتقادات لدور الإعلام الإلكتروني تتخطى الدوائر الرسمية، لتشمل أوساطا اجتماعية واقتصادية متضررة مما ترى فيها تجاوزات على القواعد المهنية والأخلاقية للعمل الصحفي. ويمكن القول إن الاتجاه السائد في الأوساط العامة حاليا يدعم فكرة التدخل لضبط الإعلام الإلكتروني، والحد من تجاوزاته.
لا يكفي إزاء وضع كهذا الصراخ في وجه الحكومة لدفعها إلى التراجع عن فكرة التشريع، لأن المواقع الإلكترونية لن تجد حلفاء يساندونها في هذا المسعى. الأمر يتطلب إدارة ذكية ومنفتحة على كل الاقتراحات، بما يضمن تعظيم إيجابيات الإعلام الإلكتروني، وهي كثيرة، والحد من السلبيات وهي ليست قليلة أيضا.
الإقرار بهذه الحقيقة من طرف القائمين على المواقع الإلكترونية يشكل أرضية مناسبة لحوار منتج يفضي إلى حلول توافقية، سواء كان ذلك من خلال تشريع أو عبر آليات أخرى يجري الاتفاق عليها.
المهم أن لا يركب أي من الطرفين، الحكومة والمواقع الإلكترونية، رأسه، ويأخذانا إلى مواجهة لا طائل منها. على الحكومة أن تدرك أن التشريع ليس هو الحل السحري في زمن الإعلام الرقمي. وقبل الإقدام على الخطوة، يتعين إجراء حوار عام تشارك فيه مختلف الأطياف الاجتماعية للتفاهم على نوعية التنظيم المطلوب للإعلام الإلكتروني، بما لا يمس بحرية التعبير وحق الناس في المعرفة، وعرض تجارب دول ديمقراطية تعاملت مع تحدي الإعلام الإلكتروني.
كما ينبغي على المواقع الإلكترونية إدراك أن الوضع الحالي لا يمكن أن يستمر. وعليها أن تتفهم الشكوى المريرة من التجاوزات الحاصلة، والتي أول ما تصيب المواقع الجادة والملتزمة، مثلما حصل في تجربة الصحافة الأسبوعية، إذ ضاع الصالح بعروى الطالح.
الإعلام الإلكتروني حاجة موضوعية لا يمكن الاستغناء عنها، ومن السذاجة الاعتقاد بإمكانية السيطرة عليه كما الحال مع الإعلام التقليدي. لكن التحدي الماثل أمام المجتمعات والحكومات والقائمين على هذه الصناعة، هو في الكيفية التي تضمن تسخير وسائل الإعلام الجديد لخدمة المصلحة العامة بالتلازم مع مقتضيات المسؤولية الاجتماعية.
هل من وسيلة تحقق هذه المعادلة؟
fahed.khitan@alghad.jo
الغد