لا مال مع الناس ليدفعوه للخزينة
ماهر ابو طير
05-03-2012 03:13 AM
تستعد المستشفيات لرفع اسعار العلاج فيها بنسبة 15بالمئة،وسبب ذلك فواتير الكهرباء،التي تضاعفت بنسبة كبيرة جداً،وستأتي بعد المستشفيات المدارس والجامعات،وبقية قطاعات البلد.
النائب خالد الحياري قال كلاماً مهماً في مجلس النواب،قبل ايام،اذ كشف ان الكهرباء في الاردن تباع بسعر اغلى من الدول الاوروبية،مع ارفاقه لجدول يكشف الفروقات بين مستويات الدخل،في هذه الدول والاردن.
ماقاله النائب صحيح تماماً،لان الذين يعيشون في اوروبا ويستوردون النفط والغاز من العالم العربي ومن روسيا ومن دول اخرى،يعيشون في بيوت تمدهم بالكهرباء والماء الساخن والتدفئة،ولاتصل فواتيرهم الى فواتيرنا الصاعقة.
لايمكن ان تستمر الجهات المسؤولة بهذه الطريقة عبر قبول مستويات التسعير لفاتورة الكهرباء،لان الاردني بات مطلوباً منه ان يعود اليوم الى عصر السراج او الشمعة،او الظلام في حالات اسوأ.
الكارثة لاتتعلق بفاتورة الكهرباء وحسب،بل ان نموذج المستشفيات احد الادلة على ان الصعقة الكبرى ستنال كل القطاعات،اذ كيف ستستمر المصانع والمخابز والمدارس والجامعات،وبقية القطاعات،دون ان يرفعوا اثمان وقيمة مبيعاتهم؟!.
هذا يعني ببساطة ان قصة رفع الكهرباء على من يستهلك اكثر من ستمئة كيلو واط،غير صحيحة،فالذي يستهلك بقيمة اقل،ستحرق يديه الموجة الكبيرة من ارتفاعات الاسعار في كل القطاعات الاخرى،التي سترفع اسعارها لمواجهة ارتفاع فاتورة الكهرباء.
هكذا اذاً التفاف غير مباشر،لان موجات الاسعار ستنال من الجميع،والذي لن يدفع فرقاً في فاتورة كهرباء منزله،سيدفع الفرق في فاتورة العلاج او قسط الجامعة،او في سعر الخضار والفواكه،لان الجميع سيتبارون اليوم لتعويض خسائرهم.
فوق ذلك ستأتينا موجات غلاء اخرى،اذ تم رفع اجور المواصلات،وسيتم رفع الدعم الذي تقنعنا به حكوماتنا على المدى،وسيتم رفع قيمة الضريبة المفروضة على الوقود،وهكذا موجة صعبة،تلو موجة،ثم يقال للناس ان هذه اجراءات تصحيحية.
هذا وضع خطير جداً،ولانريد لموجات التحريض ان تسيطر على الجو العام،لكننا بحاجة الى حلول عملية وجذرية لهذه الاوضاع الصعبة،خصوصاً،ان تداعياتها على صعيد التأثيرات الاجتماعية والحياتية ستكون بلا حدود.
يترافق هذا كله مع قصة الاضرابات والاعتصامات والمطالب لتحسين الاوضاع،ولايلام الناس في هكذا حال،لان ظروفهم قاسية جدا،ولانهم يرون بأم اعينهم كيف اثرى اخرون على حسابهم،فيما ربحوا هم الفواتير واثقالها.
وضع مؤسف جداً،ولااحد يعرف الى اين نذهب بهذه الحسابات الرقمية،التي لاتقف عند الدلالات والنتائج الانسانية،وهذه سياسات شطبت الطبقة الوسطى والحقتها بفقراء الناس،وجعلتنا لاول مرة امام تفاوت طبقي حاد،لايمكن احتماله؟!.
شعب صبور،غير ان حكوماتنا عليها ان تبحث عن حل غير المواطن الذي يدفع الثمن دائما.
الدستور
التاريخ : 05-03-