التقشف الحكومي البرلماني المطلوب
طلال الخطاطبة
04-03-2012 08:46 AM
لا أذكر أنني استمعت يوماً لبيان عن الموازنة الأردنية حدثنا عن آمال و طموحات، بل على العكس كانت البيانات تحدثنا دوماً عن الوضع المالي الصعب و عدم وفاء الأشقاء بالتزاماتهم المالية التي قطعوها على أنفسهم، و تحدثنا عن ضرورة ضبط النفقات و دعوة الشعب لشد الأحزمة على البطون. و كذلك عند مناقشات الإخوة النواب ينخّلون بيان وزارة المالية تنخيلاً لينتهي هذا التنخيل إلى ثقة لبيان الموازنة.
و مما يدهش له المواطن دائما أن هو فقط ولا أحد غيره من يُطلب منه التقشف بميزانية بيته و مصرفاته بالغاز و المحروقات الأخرى و ربما صدرت له نصائح بالتقليل من طلعات يوم الجمعة التي يمكن الاستعاضة عنها بجلسة على البرندا أو حوش الدار و بقلاية بندورة فليس بالهش والنش يحيا الإنسان؛ نعم هو المواطن و لا حدا غيرة سبب الارتفاع بهذا الرقم الكبير للمديونية؛ يا لطيف يا مواطن شو قلبك قاسي.
لا أدري لماذا المواطن فقط هو الذي يجب عليه أن يضحي وليس أعضاء الحكومة و المجلس النيابي الكريم!! هل نزع السادة أعضاء الحكومة و المجلس صفة المواطنة عن أنفسهم حتى لا يشاركوا المواطن تقشفه. نسمع الكثير من الأقوال و لا نرى الأفعال باستثناء جهد شخصي من معالي وزير الشباب الدكتور محمد نوح القضاة ( ابن أبي قلمين: قلم الجيش للجيش و قلمه الشخصي لاستعماله الشخصي)، نعم هذا الرجل قام بجهود تقشفية أهمها ما كان يسعى معاليه لأن يكون قدوة لغيره من أصحاب الدولة و المعالي و السعادة و هو السفر بالدرجة السياحية بسفراتهم الرسمية، و ثانيها مراجعته للعطاءات السابقة و الرجوع إلى الحق. لماذا لا نسمع قرارات من الحكومة بالسفر بالدرجة السياحية مثلاً؟ هل سينقص هذا من برستيجهم؟ لماذا لا نسمع قراراً بمنع استعمال السيارات الحكومية خارج الدوام الرسمي كما يفعل معالي الدكتور محمد نوح أيضاً. لماذا لا (تكرّج) السيارات الحكومية كلها بمواقف الوزارات بعد الدوام مثلاً. كنت أتمنى أن أسمع قرارات تقشفية أثناء رد الحكومة على كلمات السادة النواب، لا بيانا إنشائياً.
لقد قامت حكومة السيد سمير الرفاعي (التي لم تعجب الحراك في ذلك الوقت) بالتبرع بشبه قرار طبعا من رواتب السادة الوزراء لصندوق الفقر، فهل ما يزال هذا ساري المفعول؟ أم أن الميزانية الآن هي أحسن حالة من سابقتها حتى نستغني عن تبرع أصحاب المعالي.
دولة الرئيس
يبدو أن سوالفنا مع الفساد والمفسدين طويلة و خاصة بما يخص استرجاع الأموال التي (إن استُرجعت) لا تشكل شيئا مما قد نُهب، لهذا نأمل أن يكون هناك إجراءات فعلية ليقتنع المواطن أن الدولة (ما فيها مصاري) كما جاء برد الحكومة على طلبات الإخوة المعلمين. إن من يشهد السلوك الحكومي لا يرى أي تقشف بل على العكس ربما شعر لفترة من الوقت أن الدنيا بهذا البلد قمرا و ربيع. إن قرارات التقشف هذه هي التي ستقنع أصحاب الإضرابات القادمة أن البلد فعلا في ضائقة.
السادة أعضاء مجلس النواب
كما قالت الأغنية "اسمع كلامك أصدقك أشوف أمورك استعجب"، تتحفوننا بأبلغ الخُطَب التي ربما (أقول ربما) كتبها غيركم لكم لأن طريقة قراءتها من قبل البعض لا توحي بأن قارئها هو نفسه كاتبها، فتشرّحون الميزانية و تذهبون إلى أدق التفاصيل و تطالبون بالتقشف وشد الأحزمة، ثم تنهون كلماتكم بسرد مطالبات مناطقكم الخدمية التي تحتاج إلى ميزانية دولة خليجية لترضون قواعدكم الانتخابية و بعدها تعطون الحكومة الثقة و بهذا ترضون الحكومة حتى تضمنوا عدم التوصية بالحل و ترضون قواعدكم الانتخابية لتضمنوا الانتخاب مرة أخرى؛ ومن خلف الكواليس نسمع قصصاً تتسرب للصحافة تشيب لهولها رؤوس الحريصين على هذا الوطن من الضياع، نسمع بمطالبات نيابية لراتب التقاعد و زيادة الرواتب للنواب حتى بت لا استغرب أن اسمع يوما عن اعتصام أو إضراب لأصحاب السعادة النواب أمام الديوان الملكي للمطالبة بزيادة الرواتب.
متى سنرى كذلك جدية نيابية بموضوع جلسات المجلس؟ لأن أخذ الراتب دون حضور أو بتهريب نصاب المجلس يعتبر حراماً كما أفتت دائرة الإفتاء الأردنية (أخذ الراتب دون عمل حرام)؛ متى سنسمع عن تقشف نيابي أيضا بقرار و ليس بصدقة بخصوص مصاريف المجلس، سمعت قبل فترة أن السادة النواب لم يعجبهم الغداء (التقشفي) عندما تأخروا ذات مرة للجلسة المسائية مما اضطر رئيس المجلس للاعتذار لهم عن ذلك الغداء الذي لا يليق بأعضاء المجلس.
ختاماً أقول للسادة المسئولين جميعا أن هذا الأردن ليس بلد الغلابى و الطفارى المواطنين فحسب؛ انه أيضا بلد الوزراء و النواب و كل مسئول من رئيس قلم (بتفخيم اللام) و فوق، و المحافظة عليه مسؤوليتنا جميعاً. يجب على الحكومة و النواب أن يفوتوا الفرصة على من يحضر و يلمح إلى تزول الجياع إلى الشارع.
فشدّوا الأحزمة يا أصحاب الألقاب جميعا حتى نشد احنا.
alkhatatbeh@hotmail.com