facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




من ذاكرة الوطن


د. محمد العناقرة
03-03-2012 05:27 PM

يعد الحديث عن الشيخ سليمان السودي حديثاً عن أحد رواد الأردن الذين لازم مولدهم عصر النهضة أو ما يطلق عليه عصر اليقظة، فهو عصر تنبه فيه الأردنيون لمجريات الأحداث حولهم، وكان لهم نشاط فكري وقومي ملحوظ بعيداً عن الإقليمية وتجلى ذلك واضحاً من خلال المشاركة في الثورة العربية الكبرى، ويُعد تخليد ذكر هذه الكوكبة من الرجالات الأشاوس هو دراسة لتاريخ الأردن من خلال الخمسين سنة الأولى من القرن الحالي.

ولد الشيخ سليمان السودي الروسان في قرية سما التابعة لقضاء عجلون التابع إلى لواء حوران عام 1880م وقد تلقى تعليمه في كتّاب القرية. والده هو سودي السليمان المحمد الزامل، ويعد أول من اقترن اسمه في الوثائق العثمانية بأبي رأس.

وينتسب الشيخ سليمان السودي إلى عشيرة الروسان وهناك رواية تشير إلى أن عشيرة الروسان تنتسب إلى خزاعة العراق، وسبب تسميتهم بالروسان ترجع إلى أن جدهم الأعلى خليل ابن إبراهيم الذي نجح في انتزاع الزعامة من بني كنانه (الكنانية) فقيل (طلع فيها رأس) أي أنه نجح فيما سعى إليه وجاء اللقب (أبو رأس) وظلت هذه التسمية مستعملة حتى أواسط الثلاثينيات حتى تم استبدالها بكلمة الروسان، وهي مبادرة أتى بها السيد صياح الروسان، ولعشيرة الروسان في قرية سما جد مشترك هو محمد بن زامل بن خليل ومن المرجح انه قد أقام في ملكا وقد أنجب أربعة ذكور هم سليمان، مفلح، طلاع، مطلق، فجميع الروسان في قرية سما ينتسبون لهؤلاء الأخوة الأربعة.

وقرية سما هي إحدى قرى ناحية بني كنانة، وكان هناك تجانس في التركيب السكاني للقرية من عدة جوانب سواء أكانت اجتماعياً وثقافياً، واقتصادياً، وسما في الوقت الحاضر هي مقر للواء بني كنانة وعندما أنشئت أول حكومة لإربد عام 1920م تم افتتاح مدرسة في قرية سما وقد استقبلت الطلاب الراغبين في الدراسة من عدد من القرى المحيطة بها مثل كفر جايز –تقبل – فوعرا – أصعره – حور – حريما – أبو اللوقس – السيلة – الخريبة – كفر سوم وغيرها.
وكان للشيخ سليمان السودي نشاط سياسي وطني وقومي وتمثل نشاطه السياسي القومي من خلال مشاركته في المؤتمر السوري الأول تموز – كانون أول 1919م حيث تم انتخابه كممثل ليشارك في تقدير مستقبل بلادهم أمام اللجنة الأمريكية (كنج- كراين) وهي بمثابة لجنة تحقيق دولية أرسلت لبلاد الشام للوقوف على اتجاهات الرأي العام حول وحدة واستقلال سوريا والموقف من نظام الانتداب ووعد بلفور، وقد تم انتخاب مجموعة من الأشخاص مثل ناجي ذيب وخليل التلهوني، وسعيد الصليبي وسعيد أبو جابر وعبد المهدي محمود وحسين العطيوي وعيسى المدانات وعطيوي المجالي وناصر الفواز الزعبي.
وقد جاءت مطالب الوفد الأردني على النحو التالي المطالبة باستقلال البلاد السورية في ظل حكومة ملكية نيابية لا مركزية برئاسة الأمير فيصل مع رفض الانتداب واعتباره مساعدة فنية واقتصادية لا تمس استقلال البلاد على أن تأتي من الولايات المتحدة الأمريكية.

كما شارك الشيخ سليمان السودي في شجب اتفاق (لويد جورج- كليما نصو) حيث وافقت فرنسا على ضم الموصل للعراق مقابل حصة لها في نفط الموصل وأن توضع فلسطين تحت الإشراف البريطاني بدلاً من الإشراف الدولي مقابل الالتزام بتنفيذ وعد بلفور وسحب القوات من سوريا ولبنان لتحل محلها القوات الفرنسية وقد كان للشيخ سليمان السودي دور في شجب هذا الاتفاق ورفضه.

كما شارك الشيخ سليمان السودي الروسان في المؤتمر السوري الثاني (6-8) آذار عام 1920م وتمثلت قرارات المؤتمر بإعلان استقلال سوريا (بلاد الشام) والمناداة بالملك فيصل ملكاً دستورياً على البلاد.
لقد كانت القضية الفلسطينية محط اهتمام الشعب الأردني بجميع فئاته وكان للشيخ سليمان السودي دور واضح في ذلك، من خلال مشاركته في مؤتمر "قم" ومهاجمة سمخ في نيسان عام 1920 وقد جاءت مبادرة عقد هذا المؤتمر من قبل كايد المفلح العبيدات حيث أجرى اتصالاته مع عدد من شيوخ عجلون وتشكلت اللجنة التحضيرية وكان الشيخ سليمان السودي الروسان أحد أعضائها عن ناحية "السرو" وقد عقد الاجتماع الأول في ديوان سليمان السودي وتقرر فيه الموافقة على عقد مؤتمر قم وقد رحب وجهاء فلسطين مثل يوسف الحايك، وعبد الله الفاهوم، ونايف الزعبي، ومحمود شتيوي، ومحمد المغربي. وعندما صدر حكم الإعدام بحق فؤاد حجازي وعطا الزير ومحمد جمجوم اندلعت المظاهرات وشارك في هذه المظاهرات عدد من أعضاء حزب اللجنة التنفيذية مثل سليمان السودي وتركي الكايد وناجي العزام ومحمود الخالد وفواز البركات وراشد الخزاعي، ومحمود الفنيش وقد كان أحد أعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني التي قابلت لجنة البراق في القدس.

وقد كان للشيخ سليمان السودي مشاركة فاعلة في المؤتمر العربي الإسلامي في القدس وقد ساهم هذا المؤتمر في تحويل القضية الفلسطينية من عربية إلى إسلامية وقد شارك الشيخ سليمان السودي في عدة لجان مثل لجنة الأماكن المقدسة والبراق ولجنة سكة حديد الحجاز وانتخب عضواً في اللجنة التنفيذية للمؤتمر، ومن أبرز قرارات هذا المؤتمر الدعوة إلى توحيد البلاد الإسلامية وتأسيس مصرف عربي في القدس، ومنع بيع الأراضي لليهود، وتأسيس جامعة عربية في القدس.

وقد أشار المؤرخ الدكتور ممدوح الروسان قائلاً: لقد دعت لجنة الدفاع عن فلسطين في دمشق إلى عقد مؤتمر شعبي في بلودان في أعقاب صدور توصيات لجنة بيل بتقسيم فلسطين وقد كان الشيخ سليمان السودي الروسان ممثلاً عن لواء عجلون.

أما عن نشاط الشيخ سليمان السودي في سوريا فقد ذكر الدكتور ممدوح الروسان قائلاً: مع أن محاولة اغتيال الجنرال غورو أعدت من قبل أحمد مريود لكن سليمان السودي كان متعاطفاً معه بدليل أن أحمد مريود ربما دعا كلاً من تركي الكايد وسليمان السودي والمجاهد أدهم خنجر وغيرهم إلى الاجتماع به في بيت محمود أبو راس في مدينة اربد حيث أعلن في الساعة التاسعة من صباح يوم 23/6/1921 أنه في هذه الساعة اغتيل غورو بناءً على الاتفاق بينه وبين الجماعة التي أرسلها إلى القنيطرة لاغتياله ويذكر علي خلقي الشرايري أنه أبلغ أحمد مريود ورفاقه بالذهاب إلى بلدة سما الروسان ليكونوا في حماية سليمان السودي تجنباً لاعتقالهم.

وكان لسليمان السودي دور كبير في محاولة إنقاذ الشيخ مصطفى الخليلي عندما ألقي القبض عليه وفراره من السجن فاستشار الحكام الإداريين وقال لهم أتوافقون مله الكفر على بطشهم بالخليلي؟ فطلبوا منه أن يقدم دعوى للمحكمة بأنه نهب مواشي ثم يطلب للمحكمة ويتم الإعفاء عنه فقدم سليمان باشا السودي الدعوى المتفق عليها مع الحكام بخصوص الخليلي وقدم الخليلي إلى المحكمة في إربد فحكمت عليه بالبراءة وأخلى سبيله من السجن.

لقد لعب سليمان السودي بالنيابة عن والدة سودي أبو راس دوراً في توقيع اتفاق بين نواحي السرو، والكفارات، والوسطية في تموز عام 1919م. تحت عنوان دفع الضرر وحسم الفساد عنها لحماية نواحيهم من الاعتداءات الخارجية وعلى أثر سقوط الحكومة العربية في دمشق في أعقاب موقعة ميسلون حاول هربرت صموئيل المندوب السامي البريطاني في فلسطين إقناع حكومته باحتلال منطقة شرق الأردن و إلحاقها بفلسطين ولكن الخارجية الفلسطينية رفضت ذلك، وطلبت منه إقامة إدارة محلية في المنطقة بإشراف عدد من الضباط السياسيين البريطانيين وقد وافق صموئيل على ذلك ووجه دعوة إلى وجهاء منطقة شرقي الأردن للإلتقاء في السلط، وجاءت مطالب الأهالي معبرة عن مدى الوعي السياسي.

وعلى أثر تشكيل حكومة إربد برئاسة علي خلقي الشرايري عام 1920م تم تشكيل مجلس إداري تشريعي لتقديم المشورة لرئيس الحكومة وتألف المجلس من راشد الخزاعي وسليمان السودي ومحمد الحمود وتركي الكايد وسعد العلي البطاينة ونجيب فركوح.

كما شارك الشيخ سليمان السودي في العمل السياسي من خلال عضوية عدد من الأحزاب التي شهدتها الساحة الأردنية، مثل المشاركة في حزب الاستقلال عام 1921م وحزب الشعب الأردني وجمعية أنصار الحق وحزب اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني والحزب الوطني الأردني وحزب النهضة العربية وحزب الجبهة الوطنية.
لقد عاش الشيخ سليمان السودي الروسان حياة نضالية مليئة بالكفاح من أجل إحقاق الحق وحتى يبقى الأردن حراً أبياً صامداً شأنه شأن كوكبة من رجالات الأردن الأشاوس. تغمد الله سليمان باشا السودي بواسع رحمته ورضوانه.





  • 1 خالد ومايا 03-03-2012 | 07:03 PM

    مقال رائع جدا يروي لناسيرة الرجالات الاشاوس في بلدنا العزيز الاردن ارض الخير والوفاء

  • 2 ام صقر 03-03-2012 | 08:03 PM

    ابدعت يا دكتور محمد . تاريخ رائع ومشرف ولكن اين ابناء واحفاد هؤلاء الرجال المخلصين . من جمدهم وابعدهم عن الحياة السياسية .

  • 3 اردني 28-07-2012 | 11:59 PM

    نعم هؤلاء هم رجال الاردن ولن تلد الامهات مثلهم ابدا ليسو امثال الزمرة الفاسدة امثال باسم عوض اللة ومن يحمية من وراء الكواليس


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :