الكثيرون يُعانون هذه الايام من مرض الفصام السياسي اذا ما حَدَّد احدهم موقفه السياسي من تداعيات "الربيع العربي " ، فتارة ً يدافع عن مجريات الاحداث بكل إدراكٍ وتفهم بـِكـَون ما حدث بمثابة النار تحت الرماد في حُكم ديكتاتوريات أوتي بها وفـُرضت على شعوبنا العربية فاستأثرت بالحكم وجعلت من نفسها وما حولها من العائلة والمقربين والاصدقاء والاصهار والانساب والمنافقين والهتيفة هالة إطار الحزب الحاكم لإيجاد الشرعية لأستمراريتهم .
"هم حكَّمُوهُ فاستبد تحكما وهموا ارادوا ان يصول فصالا " .هذا ما حدث في مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا والجزائر – وتارة تنقلب المواقف وتسود الهواجس وتتفتح الشكوك ليتحدث البعض عن المؤامرة التي حيكت ضد أنظمة عربية لا يزال امتدادها يمر في عواصم عربية اخرى من اجل بناء شرق اوسط جديد .
· ولـِذا ، فليس غريبا ان نسمع من احدهم قولا في الصباح ليختلف في فحواه ومضمونه ومعناه في المساء . وما بين الصباح والمساء ينتابه شعور غريب دونما احساس به بأنّ هناك شيئاً مُدَّبراً ومُخططاً له في هذا السياق .
· فإذا كانت نسبة مرض الفصام في الغرب لا تتجاوز 2% ، فإنها في عالمنا العربي تتعدى 20 % ، ونحن نجيد التشكك في كل شيء ، لنرى عُلـْية المثقفين وورثة الاحزاب الايديولوجية يدلون بأراءٍ فيها الكثير من التباين ما بين واقعية الحدث وظلامية المسار وكارثية النتائج، اضافة الى خلل في الميزان الفكري لتطلعاتٍ انطلقت في الماضي من اجل التحرير والحرية والاستقلال ومحاربة الاستعمار، و انتهى بها الامر الى حكم ٍ فردي تسلطي ابتعد عن اماني الشعوب العربية وطموحاتها ، ورغم ذلك فهم لا زالوا يتشبثون بمقولة " المؤامرة ".
لا ادري مَنْ يتأمر على منْ ؟ هل تأمر الشعب التونسي على بن علي ، والشعب المصري على مبارك ، والشعب الليبي على القذافي ، والشعب اليمني على صالح ، والشعب الجزائري على العسكريتاريا ، والشعب السوري على الاسد – ام انهم القادة، هم انفسهم ، الذين اذلوا شعوبهم وفسقوا وبطشوا وتحكموا وفسدوا وسرقوا ارادة شعوبهم .
· فإذا كانت القوى الغربية " الانتلجنسيا " قد اتت بهم الى سُدّة الحكم واصبحوا بنظر سادتهم "expired " ، فاستـُهلكوا وحان وقت استبدالهم – فلماذا كل هذه التنظيرات والاحتجاجات والمد العكسي ، وهم في افكارهم مغرضون .
· لا أدري ماذا خسرت الشعوب العربية من زوال هؤلاء القادة – وما الخطأ في ان يطالب المتظاهرون " الشعب يريد اسقاط النظام " بعد ان رفع الغرب عنهم الحصانة والحماية .
· هل هناك " مؤامره " اذا اقامت الشعوب العربية وقادتها الجُدد والقادة الغربيين وشعوبهم علاقات ود وصداقة و تفاهم ومُكاشفة لتطلعات شعوبنا العربية للعيش بحرية وكرامة وتحت مظلات ديمقراطية و نهج جماعي سليم .
· لقد سئمت شعوبنا العربية كل ايديولوجيات الماضي والتي اسهمت في واقعنا الكئيب المتردي الى ان انتهى الامر ببعض القادة باستباحة وقتل شعوبهم من اجل التمسك بالسلطة لهم ولاولادهم من بعدهم .
- إن عتمة الاحزاب الايديولوجية التي غطت سماءنا العربية منذ اكثرمن ستين عاما قد زال وميضها ليطل علينا فجر الديمقراطية والحرية والكرامة وحكم القانون .
- هذا هو اساس الربيع العربي الذي يحاول اصحاب الايديولوجيات توجيه الطعنات له صباح مساء .
فإذا ما اكتسبت الدول الغربية خبرة بأنّ الاتيان بقائدٍ على ظهر دبابة بدءا بحسني الزعيم وانتهاءا بالقذافي ما عاد عامل فعال لاستقرار المنطقة وانما هي الشعوب وحدها وبقياداتها المنتخبة او المتفق عليها القادره على استقرار دول المنطقة وازدهارها ونزع فتيل الارهاب الذي اربك العالم باسره .
· يقول احدهم وكان له اداءٌ مميزٌ في قناة الجزيرة واحترم رايه ومع ذلك اخالفه تماما " انني لا احب السير مع القطيع الذي تقوده الذئاب " – وانا كمواطن اقول انني لا احب السير الى الابد مع قادةٍ ذئاب .
- فإذا كانت حسب قوله " الثورات الشعبية عادة هي انعكاسات لصراعات اجتماعية عميقة " وان ما نرى هو " مجرد تمرد اهوج وانفعال بلا نتيجة سوى الدمار الذاتي " – فهل احد من القادة السييىء الذكر قد جعل من بلده مثالا للديمقراطية وللعدالة وللطبقات الوسطى الناشئة بل هم انفسهم من قادوا البلاد الى الدمار الذاتي .
· وبقوله تعالى " إنْ تحرصْ هلى هداهم فإن الله لا يهدي منْ يُضِّلُ وما لهم من ناصرين " صدق الله العظيم
· عاشت ثورات الربيع العربي وعاشت شعوبنا العربية الحرة وعاشت امتنا العربية الماجده .