اصبح من الملاحظ ان القصور التي يملكها كبار المسؤولين في بلدنا قد اصبحت بحق مدعاة للفخر والاعتزاز كون تلك القصور عجز عن امتلاكها حتى اصحاب البنوك!.
يعتقد البعض ان بناء مثل تلك القصور على حساب خزينة الدولة يعتبر شكلا من اشكال الفساد وهذا بالطبع اعتقاد خاطئ ومردود على صاحبه كون المسؤولين في بلدنا هم احرص مني ومنك على اموال الدولة وما قاموا به هو من اجل ترك اثر تاريخي للمستقبل يؤرخ تلك المرحلة الحاسمة من تاريخ بلدنا بوجود هؤلاء الاشاوس. ومثل تلك القصور هي اولا واخيرا لن تطير من مكانها بل على العكس ستبقى معلما تاريخيا بارزا وما صرف عليها اليوم من بضعة ملايين ستكون عوائده بعد مئات السنين مليارات الدولارات من عوائد السياحة في بلدنا.
بعد مئات السنين من اليوم لن يصمد في عمان من التغييرات الجغرافية سوى تلك القصور نظرا لمتانة اساساتها وستصبح بكل تأكيد معالم تاريخية يزورها السياح من مختلف اقطاب العالم وسنفرض في حينها رسوم دخول باهظة على السياح اذا ما رغبوا بالدخول لتلك القصور والاستمتاع بفن بنائها.
سيوضع على سبيل المثال زيارة قصر (الباشا) الموجود في المنطقة الاثرية على البرنامج السياحي وسيحدثهم الدليل السياحي عن هذا القصر كالاتي: بني هذا القصر في فترة زمنية كان المواطنون فيها يعانون من غلاء الاسعار وكذلك الموازنة من ارتفاع المديونية ومع ذلك اصر (الباشا) على بنائه رغم تلك المصاعب.. هنا كان الباشا يتناول طعام الافطار على هذه الطاولة ومن تصميم الطاولة نجد ان الباشا كان يعاني من صعوبة التنقل من (صحن) الى (صحن) نظرا لمساحة الطاولة الواسعة وكان يستعين بالخدم لتقريب (الصحون) لحضرة جنابه كل ما اشتهى شيئا منها.. ولا يزال علماء الاثار حائرين حتى يومنا هذا عن سبب اختيار الباشا لهذه (الطاولة) بالذات مع ان تاريخه النضالي يبين انه كان لا يجد (طبلية) ليفطر عليها في منزله القديم وكان في الميدان لا يفضل الفطور الا على (سحاحير) البندورة الفارغة فلماذا هذا الترف بشراء الطاولة لا احد يعلم هذا السر حتى الآن!
ثم بعد ذلك ينتقل السياح لزيارة قصر آخر موجود في نفس المكان.. ويتحدث الدليل السياحي عن هذا القصر قائلا: من كان يعيش في هذا المكان كان يطالب الشعب دائما بشد الاحزمة على البطون.. وهو بالمقابل كان يطلب من المتعهد ضرورة شد يده لانجاز القصر بأسرع وقت ممكن قبل ان يطير.. هنا كانت غرفة (الجلوس) وهنا كان الرئيس ينام بعد (الغداء).. وكما هو ملاحظ فان (الكنباية) التي كان يفضل النوم عليها هي تحفة فنية لا مثيل لها في العالم.. مع ان الرئيس في بداية حياته كان لا يفضل النوم الا على (الجنابي) وكانت هي ايضا تحفة فنية من كثرة الثقوب الموجودة فيها.. وهنا اكتشف العلماء ان الرئيس لديه شغف باقتناء التحف الفنية منذ نشأته حتى توليه اعلى المناصب في الدولة..
ونظرا لكثرة القصور في المنطقة يصبح بعد ذلك الامر متروكا للسياح لما يفضلون مشاهدته وقد يرغب بعضهم بمشاهدة الجاكوزي لقصر مسؤول سابق كان لا يتحمم سابقا الا "باللقن" واصبح اليوم لا يستغني عن (الجاكوزي).. وطبعا السياح سيلتقطون صورا تذكارية بجانب هذا (الجاكوزي) بالذات كونه كان محطة تاريخية مهمة في تاريخ بلدنا.. كون هذا المسؤول بالذات تم اقتياده من (الجاكوزي) الى السجن في مرحلة تاريخية مهمة كان يتم فيها محاكمة الفاسدين.
صحيح ان هؤلاء خربوا بيتنا وبيت الموازنة في (عنطزتهم).. لكن, صدقوني انه بعد مئات السنين ستصبح تلك القصور معالم تاريخية يستفيد منها الشعب فلا تظملوا اولئك المسؤولين ببنائهم مثل تلك القصور على حساب قوت الشعب فربما كان لديهم نظرة مستقبلية بعد ان انعدمت نظرتهم لحالتنا المعيشية! .
العرب اليوم