الضحك على ذقون الفلسطينيين ؟!
ممدوح ابودلهوم
06-10-2007 03:00 AM
[ كان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر رحمه الله الذي نحيي ذكراه هذه الأيام ، يرى أن الشرط الأول لاسترجاع فلسطين هو الإيمان المطلق بأن ( ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ) ، و عليه ولأن أبا خالد كان وفق ملايين العرب الزعيم (الخالد) الذي لا يموت (!) فحين غاب عن هذه الدنيا رحمه الله أسقطت هذه الملايين ، شرط الإيمان بهذه المقولة حزناً وربما سخطاً بسبب رحيله (!) وراحت تعيش منذ عام 73 حالة من الاسترخاء بإزاء الأعداء ، وفرضت على نفسها في ذات الآن وعلى فترات متقطعة بديلاً يتقاطع مع الحالة الأولى – حتى لا نقول حالة من العداء إزاء الأشقاء لا ضد الأعداء (!) ومهما يكن من أمر فإنه لا علاقة من قريب أو من بعيد ، بين مقولة الراحل الكبير وبين ترك هذه الملايين لها بجعلها نسياً منسياً ، فالمرحوم وهو في دار الحق ونحن في دار الباطل لا يعلم أنهم وبحسب الوزير الشاعر (مانع العتيبه) : قد (و اغتنوا عن تجريد سيف و رمح / بقوام لدنٍ و طرفٍ كحيل) !
غير أن قلةً قليلة من هذه الملايين المغلوبة على أمر ماضيها العتيق ، وتحديداً الذين ما زالوا منهم على قيد الحياة من أجيال الخمسينات و الستينات ، من المحاربين حتى لا نقول الحالمين القدامى بين ناصريين وقوميين ومن حذا حذوهم إلى يوم النصر المبين !، هذه القلة من النخبة شذّوا عن القاعدة فظلوا محافظين على الشرط الناصري وبأن ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ، مع أن الوفاء بتنفيذها ولصاحبها الراحل لم يتعدَ طقوس التدبيج الرومانسي وكرنفالات الخطب الرنانة !
لسنا هاهنا ننهل من بحر التثبيط الذي يبدو قومياً أنه لا ينضب أبداً ، لكن السباحة القسرية في هذا السيل العرم من البيانات النارية والتصريحات الثأرية هو السبب ، غير أن العجب العجاب وما يجعل الحليم حائراً فهو هذا التناقض البائس لدى المواطن العربي ، ففي حين تناسوا والأدق نسوا خيار القوة لدى عبد الناصر شرطاً للنصر واستعادة فلسطين ( المقولة آنفاً ) ، راحوا يستمرئون العزف على أوتار مقولته الأخرى ، وكان رحمه الله قد وجهها للفلسطينيين و هي ما ترجمته عن العامية المصرية ( الذي يقول لكم بأنه سيعيد فلسطين يضحك عليكم ) !
آخر ما حرر وتدليلاً على سيل التصريحات العرم .. أعلاه ، ما طوح به الأسبوع الماضي المنشق الفلسطيني (أحمد جبريل) زعيم ما يسمى بالجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين – القيادة العامة ، بأنه في حال قامت إسرائيل بشن عدوان آخر على لبنان ، فإنه – و هذا ما فهمته – سيحرك مليون مقاتل بعدتهم وعتادهم ، نحو الجولان والجنوب اللبناني وجبهة ثالثة لعلها الشريط الحدودي مع إسرائيل (!) هذا التصريح الجبريلوي الناري يؤكد على قناعتين – الأولى : أن الانحياز لخيار هؤلاء الذين سيعيدون فلسطين ، من مكاتبهم الفارهة في فنادق دمشق الفخمة ، هم الذين يحاربون ليل نهار لإبقاء القضية في غرفة الإنعاش لا في ثلاجة الموتى ، و الثانية : أن هؤلاء هم الذين يضحكون على ذقون الفلسطينيين !
ما أود اختصاره .. على الجملة ، هو أن حالة البؤس قومياً و أهم معالمها تعزيز القطرية إفرازاً للتمزق العربي ، وصولاً إلى كشف عورة الحلم العربي القديم بأمة واحدة ذات رسالة خالدة ، بل وهتك ستر الخطاب الوحدوي أمام الآخر بالتالي ، كل أولئك كان يضيف عصياً أخرى في دواليب الدايلما الفلسطينية ، لكن ثمن ذلك .. عربياً ، ومهما بلغ شأوه ضعفاً وانكساراً ، كان دائماَ وفي الغالب الأعم ثمناً دبلوماسياً أو سياسياً ، بينما طامة الطامات فتتمثل في حالة التناحر الفلسطيني الفلسطيني بعد إذ بات الثمن اليوم ثمناً دموياً ، والمخرج الوحيد .. خلوصاً ، هو للأسف خيار السلام الذي يفرضه الآخرون الأقوياء على المتناحرين الضعفاء (!) إذ من المؤكد ووفق ما يجري والذي سقنا آنفاً بعض معالمه الدراماتيكية أنه الخيار الأوحد (!) وأنا هنا لذات الأسف النكبوي / النكسوي .. إياه ! أعني سلام الضعفاء بعد إذ دفن سلام الشجعان مع المرحوم عرفات !، وإلا فإن الحال يبقى على ما هو عليه : أرصدة متضخمة لأصحاب البيانات النارية أما الثمن فهو الدم الفلسطيني المقدس . ]
Abudalhoum_m@yahoo.com