هكذا تنشأ المعارضة المتطرفة .. !!
موسى الصبيحي
25-02-2012 02:06 PM
عندما تنقطع سُبُل التفاهم مع الحكومات، وتبدأ الأخيرة بتنفيذ سياسات وممارسات مضادة للغالبية العظمى من الشعب، ضاربة مصالحه عرض الحائط، تبدأ الفقاقيع والدمامل بالظهور في جسم الدولة، وتظهر أعراض المرض على أجزاء مختلفة من الجسم، ويتداعى بعضها إلى بعض تعاطفاً وتضامناً حتى يغدو الجسم كله مع الزمن مريضاً معتلاًّ، ليشرع بعدها بالبحث عن العلاج الناجع، فإن لم يجد، فإنه لابد، حتى يحافظ على حياته واستمراريته، سيلجأ إلى الجراحة مهما كانت مؤلمة وخطرة..!!
هكذا تنشأ المعارضة المتطرفة في المجتمعات عموماً، والعربية منها خصوصاً، فأي حكومة تمارس ما من شأنه الإضرار بمصالح الناس، سواء بقصد أو دون قصد، وتسعى إلى ضرب حصار محكم عليهم، تتحدى من خلاله شعبها وتناكفهم، فإنها تحكم على نفسها بالموت انتحاراً، وعندما نجد أن حكومة تمارس هذا الضرب من الحكم، فهذا يعني أننا أمام حكومة غير سياسية، لا تستأهل البقاء لأكثر من أربع وعشرين ساعة، وإلاّ فإن حالة الاحتقان ستدخل مرحلة حرجة تنذر بالانفجار..!!
قد يؤدي تعنت حكومة ما بمواقفها وسياساتها، وممارستها لأبشع ألوان التحرّش بشعبها، إلى الوقوف أمام طريق مسدود، وأن تتعطل حياة الناس تبعاً لذلك وتُضرب مصالحهم، فتنعدم الثقة بين الطرفين، وينقطع الحوار، ويغيب التفاهم.. فهل من الحكمة أن نُدخل البلد في أزمات جديدة، قد تشتّد تداعياتها وتمتد شيئاً فشيئاً، لنصنع من ذلك معارضة متطرفة، ترفع شعارات ذات هدف واحد وعنوان واحد، ولون واحد أحمر قانٍ، ونصبح أمام وضع صعب للغاية، فبدل أن نفكّك الأزمة، نزيدها تعقيداً، ونخلق أزمات جديدة ربما تكون أكثر تعقيداً وأشدّ خطورة..!؟
أنّى نظرنا إلى الحل الجراحي الذي قد تفكّر فيه معارضة ما، وتمارسه نكاية بحكومة ما، فإن الكلفة ستكون باهظة على الوطن، وقراءة عاجلة للمشهد اليوم تنبيء أن مثل هذا الحلول ستكون ملاذاً لقوى تطرف جديدة من صنع حكومات متعنتة، مما سيرفع من حالة التوتر والنزق المجتمعي بصورة غير مسبوقة البتة في أوساط الشعب بغالبية فئاته وشرائحه، في ظل أوضاع داخلية غير طبيعية بتنا نعيشها، ومحيط هادر بكل ألوان الفوضى والصراعات..!!
من هذا المنطلق، فإن على حكوماتنا أن لا تلجأ قط إلى ممارسات استفزازية للشعب، فيكفي ما نحن فيه من بلاء وعناء، وإذا كان عليها أن تستمع إلى نصائح، فإن النصيحة التي تأتيها من الليبراليين الجدد الذين مسخوا معيشتنا وشوّهوا مجتمعنا، سوف تكون قاضية، لأنها فاقدة الإحساس، ولا يعنيها إنْ شبع الناس أو جاعوا، عزّوا أو ذلّوا، المهم لديهم هو تنفيذ الوصفة السحرية وتجرّع دواء منتهي الصلاحية، وليس مهماً ماذا تكون النتائج..!!
أيها السادة الحاكمون والمتحكّمون.. ثمّة عناصر ومراجَعات غير مفهومة، وها أنتم تتمسكّون بالواقع ولا تتأسّفون على المستقبل، ستجدون من يهتف لكم وبحياتكم، وستخرج أقلية تناكفكم، ولكن لا هذه ولا تلك ستصنع التغيير، فالتغيير تصنعه الغالبية الصامتة، التي لن تظل صامتة في لحظة ما..!!
لأجل ذلك نرى أن الوقت بات حاسماً للعمل على تفكيك الأزمات، وإعادة دراسة الملفات والأولويات، فليس من الحكمة أن نقف مكتوفي الأيدي أمام ملفات ساخنة، تنذر بلحظة انفجار أو انتحار ربما تكون وشيكة..!!
المعارضة المتطرفة باتت تصنع الآن في معامل الحكومات دون أن ندري، فماذا ننتظر كي نتحرك..؟!!
Subaihi_99@yahoo.com