الكونجرس لا يستهدف تقسيم العراق
حازم مبيضين
06-10-2007 03:00 AM
تثير التصريحات المتوالية برفض ما سمته أجهزة الاعلام العربية مشروع الكونجرس الاميركي لتقسيم العراق سؤالا كبيرا حول ما إذا كان أصحاب هذه التصريحات اطلعوا على قرار الكونجرس الذي يتمتعون بشتمه خاصة وأنها تصدر عن جهات عراقية وعربية وحتى دولية نعرف جميعا أن نظرتها للازمة العراقية متباينة إن لم نقل إنها متناقضة.
السنة يرفضونه والشيعة يعتبرونه خطيرا والكورد وحدهم رحبوا به واعتبروا أنه لا يتناقض مع الدستور العراقي، أما لماذا ؟ فلان الشيعة يعتبرونه تدخلا في شؤون الحكومة التي يتولون قيادتها والتي لم تحسم أمر الصلاحيات الممنوحة للكورد بموجب الدستور، رغم أن الكتلة الكوردية في البرلمان العراقي هي الضامن لاستمرار حكومة السيد نوري المالكي التي انفض عنها الكثير من ممثلي الطائفة السنية الذين يرفضون المشروع الاميركي لاعتبارات تتعلق بالثروة النفطية الشحيحة في مناطقهم ولأن لدى البعض منهم طموحات بالعودة بالتاريخ إلى الوراء ليسيطروا مجددا على مقدرات العراق، أما الكورد فقد اعتبروه - أي المشروع الاميركي - منقذا لاحلامهم التي ناضلوا لتحقيقها وصولا للحكم الذاتي لمناطقهم.
الجامعة العربية ترفضه لان على راس أمانتها العامة واحداً من المؤمنين بنقاء العرق العربي وهو من أصحاب الطموحات القومجية، والكويت تخشى نشوء كيان شيعي مجاور لاراضيها، ودول الخليج الاخرى تعارضه خشية أن يفقد العراق تأثيره كدولة كبيرة في مواجهة الخطر الايراني الذي تراه ماثلا، ولكل من الرافضين أسبابه التي لم تلتفت للواقع المأساوي للمواطن العراقي الذي إن لم يكن مهجرا داخل أو خارج حدود وطنه فإنه مهجر في ذاته إلى حالة من الهلع والخوف وفقدان الثقة فضلا عن فقدان الامل.
ومرة اخرى فان المؤكد أن ايا من الرافضين لم يدقق في بنود مشروع الكونجرس الاميركي غير الملزم لادارة الرئيس جورج بوش، وأرغب أن أقدم لهؤلاء فقرة منه تنص على أن بغداد هي عاصمة العراق المتكون من أقاليم يجمعها اتحاد فدرالي وهي تبين أن المشروع لم يكن يتطلع لتقسيم العراق بقدر ما كان يفكر بتطبيق الدستور العراقي الذي ينص على الفدرالية كحل للتنوع الديني والاثني في بلاد ما بين النهرين، كما أن من المجدي تذكير الرافضين بأن النظام الفدرالي لم يكن منذ عرفه العالم نظاما تفتيتيا وإنما هو نظام يجمع المتفرقين في كيان ويحفظ حقوق كل فئة من ابناء الشعب دون أن يسمح لفئة بعينها أن تسيطر على كل مجريات الامور مثلما كان سائدا أيام صدام.
بعد خمسة وسبعين عاما على استقلال العراق، على يد وبجهود فيصل الاول مؤسس وباني الدولة العراقية الحديثة، وبعد اربع سنوات على الوقوع مجددا تحت حكم قوة أجنبية، استجلبها لبلاد الرافدين قتلة حكام العراق الهاشميين، بتصرفاتهم الهوجاء، واستعدائهم لمحيطهم سواء كان عربيا أو من دول الجوار الاسلامية، وتنكرهم للمبادئ التي أرساها ورثة فيصل الاول، وتفريغهم للبلاد من خبرة القادة السياسيين ورجال الدولة القادرين على إدارة شؤونها، يقف العراقيون أمام حل ينقذ وحدة وطنهم، لكن العاملين في السياسة العراقية يرفضونه، بعد ان أقروا المبدأ في الدستور لثقتهم ان لاحل غيره لصون وحدة العراق، ولله في خلقه شؤون.
وبعد فان السؤال المطروح على كل الرافضين هو، أليس العراق مقسما ومنقسما في واقعه الراهن، وهل النظر إلى شكل جديد من أشكال الدولة، الضامنة لمصالح جميع مكونات شعبها يقع في باب الشبهات، وهل العراق الفدرالي الموحد جيشا وسياسة خارجية، أخطر من العراق الراهن الرازح تحت مطرقة الارهاب وسندان الولاءات الخارجية ؟؟ التاريخ لا يعود إلى الوراء، وأسلوب الحكم الشمولي الذي تقوده فئة بعينها انتهى إلى غير رجعة بسقوط تمثال الصنم في ساحة الفردوس، وما على العراقيين غير التطلع إلى المستقبل تحت نظام الحكم الذي يقدم لهم حياة مفعمة بالرضى والطمأنينة والسعادة.