يبدو أن هناك من يزال يريد الانتقال بهذا الوجه الحضاري للإصلاح بالأردن إلى وجه آخر ليلحقنا بمن حولنا ليحيل هذا الوطن الغني بأمنه و أهله إلى مجتمع متناحر يقسم المجتمع إلى فرق يحارب بعضها بعضا؛ و في كل مرة يثبت جهازنا الأمني قدرته على تجاوز كل هذه الحراكات بمهنية عالية بسموه فوق الاتهامات وينشر الحقيقة بكل مهنية. فما حدث بالأسبوع الماضي بموضوع طعن المٌدوِنة و الناشط الحركي بالكرك يدعو إلى العجب حول كيفية صنع الأشياء أو استغلالها.
فلو تناولنا قضية المدونة لوجدنا أن السبب الذي تبنته الجهات المستفيدة من هذه الحادثة ليس مقنعا أبداً إذا أخضعناه للمنطق؛ فليس من المعقول أن يُقدم شخص على طعن فتاة لمجرد أنها انتقدت ما جاء بمقابلة سمو الأمير الحسن على التلفزيون لسببين رئيسين أولهما أننا لم نعتد بمجتمعنا الأردني المحافظ (المرجلة) على البنات، و لم نسمع طيلة حالات العنف الجامعي أن شابا اعتدى على بنت، فالرجولة تقتضي المواجهة رجلا لرجل. و ثاني هذه الأسباب هو أنني أود التأكيد من خلال متابعتي لما يُكتب في بعض المواقع على الانترنت و الفيس بوك فأن ما كُتب حول هذه المقابلة يفوق ما كتبته المدونة لا بل أنني لم أستطع إكمال أحد هذه المقالات لما فيه من إسفاف مخجل بحق الكاتب نفسه (و هو معروف) أولاً قبل أن يمس شخص سمو الأمير؛ و لو كان ما قيل من أصحاب الأجندات المعروفة صحيحاً لكان الأولى بها أشخاص آخرين غير هذه الفتاة. فلا داعي (للتخييط) بهذه المسلة و رسم البوستات التي يقطر منها الدم، مع التأكيد على قيمة الدم الأردني مهما كان السبب.
أتفق مع القائلين بخصوص نشر ما جاء بالتقرير الأولي للشرطة حول هذا الموضوع من الناحية المجتمعية كوننا مجتمعاً محافظاً، ولكن إذا وضعنا أنفسنا بمكان الشرطة فلا تملك إلا هذا لتُسكت مواقع تاجرت بهذا الموضوع، و أشارت بأصبع الاتهام للجهات الرسمية بتدبير هذا الفلم. أما التقرير النهائي طبعاً فهو على درجة كبيرة من المهنية. لكن تبقى نقطة و هو أن من يتاجر بهذه القضية لن تعجبه كل التقارير التي تصدر و لا أدري أي التقارير ستقنعه.
أما موضوع الطعن الثاني للناشط الكركي فهو كما جاء بالتقرير أن هناك سحجات في ظهر المطعون، فما هي السحجات؟ لست طبيبا ولكن قادتني الصدفة ذات مرة لمجالسة طبيب فاضل قديم بالمهنة يعلق على تقرير طبيب حديث التعين بأنه (الطبيب الجديد) قد كتب بتقريره كلمة (خمشات) فقال هذه عادة نسميها بالطب الشرعي سحجات و في وقتها عرفت معنى كلمة سحجات طبياً، و تنتج عن خطوط نتيجة حادث ما. فالطعن من الخلف كما جاء بالأخبار لا ينتج عنه سحجات، وهذا يدل على ما يبدو أن هناك من أراد التضحية لأجل هدف ما لكنه لم يرد أن يضحي بأكثر من السحجات تلك.
نتمنى السلام للجميع و لكن وكما قلت بمقال سابق عن شعرة معاوية أن اللعب بهذه الشعرة شيء خطير لأنها إذا فلتت من أيدينا سننحدر إلى واد سحيق من العنف والدم يذهب فيه من يذهب من أبرياء، أما المتصارعين أنفسهم فحسبهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذا التقى المسلمان بسيفهما فالقاتل و المقتول بالنار" و إن أفتى بعض أصحاب الفضيلة بأنه شهيد.
لنتذكر جميعا أن المطعون الوحيد هو الوطن و ليس شخصاً آخر، فعندما تتدحرج كرة النار سنكون كلنا خاسرين.
أدام الله علينا نعمة الأمن و الآمان.
alkhatatbeh@hotmail.com