من يبتعد عن الأمور الخدماتية البسيطة في المسألة السورية وينظر الى التفاصيل الدقيقة في إدارة الدفة الأمنية والعسكرية والسياسية يدرك بان النظام السوري ليس وحده من كان يحكم سوريا.. وكذلك يؤمن بأن سياسة النظام القائمة على صراع البقاء للعائلة ليست لوحدها التي صاغت خطة الطريق الدموي لمجابهة الثورة السورية التي أتت صدمة لكل طغاة العصر وتجار المرحلة.
فحين يؤكد علي اكبر ولايتي وهو المستشار الدبلوماسي للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية خامنئي على الدعم الكامل لنظام الأسد ويتعهد بضمان بقاءه بصفته ركنا أساسيا من منظومة (المقاومة والممانعة) التي تتشكل من إيران والعراق وحزب الله في لبنان وسوريا.. فانه يكشف عن بناء ووظيفة هذه المشروع ذو الكيانات الأربعة والتي ينطق باسمها ويكشف عن البناء الطائفي لهذه المجموعة وعن مشروعها الوحيد.. فمن يستطيع إيجاد رابط غير الرابط الطائفي بين نظام المالكي في العراق ونظام حزب الله ..؟!
هي ليست قضية (شعب ونظام) حسب الرأي العالمي الرسمي الباطني ، فالنظام ينظر الى المسألة على أنها فشل في مهمة مقدسة بناء على تعاليمه الطائفية التي انكشفت أخيرا وهي التي تبيح له حرق الأخضر واليابس لإكمال المهمة.. والمعسكر الإيراني يراها خسارة حصان طروادة المصنع بإتقان لهدم المشروع العربي.. والأنظمة الغربية والصهيونية تراها خسارة نظام محتال يعمل لهم بوظيفة أسفنجه ماصة لكل حركات التحرر المحتملة..
قبل فترة ليست طويلة كانت جميع المشاريع الإقليمية المتربصة للوطن العربي متفقة على بقاء هذا النظام رغم التصريحات الغربية والصهيونية المائعة باتجاهه ورغم التصريحات واستهلاك الميكروفونات في شجب المذابح اليومية المستمرة على الشعب السوري ولكن بعدما أصبحت الأمور أكثر وضوحا بعد الإصرار الشعبي على حرق سفن العودة للجحيم الأبدي أو الأسدي.. فان المجموعة الدولية بأطرافها المختلفة الأدوار بدأت تبحث عن اقل الخسائر على الساحة السورية فيما ذهبت إيران للسير الى آخر الدرب في محاولة لإنعاش رأس الحربة لمشروعها.
مثله مثل النظام ا لسوري ما زال المعسكر الغربي والصهيوني يقوم بشراء الوقت للمحافظة وضمان استمرار انجازات النظام السوري للمشروع الغربي الصهيوني وذلك بالمؤتمرات الدولية التي تنتهي بالعادة بمطالبات إنسانية شفوية ليس أكثر رغم إدراكه بعدم إمكانية الرجوع لحالة ما قبل الربيع العربي في سوريا..
إن جميع المؤشرات والتحركات الخارجية والعالمية وبما يشمل القرارات المسربة من مؤتمر أصدقاء سوريا المنوي عقده اليوم لا توحي بالمصداقية الكاملة للركون الى نتائجها لإنهاء معاناة الشعب السوري الذي وجد نفسه لوحده يدافع عن مصيره وكرامته وعن المشروع العربي برمته
حيث أصبح من المؤكد بان الحل الوحيد سيكون من الداخل وحده دون الاتكال حتى على المجلس الوطني المخترق من أكثر من مشروع أيضا.. وأصبح لزاما على الدول العربية أن تدعم الشعب السوري وجيشه الحر الذي بقي هو الأمل الوحيد القادر على تحرير الشعب من قبضة الطغاة حفاظا على كرامتهم وإنسانيتهم وكذلك حفاظا على الوطن العربي من محيطه لخليجه.
فسوريا ليست بحاجة لأصدقاء يتقاسمون الكلمات معهم ويتجادلون بالبيانات على صيغة لقرار لن يرى النور حتى لو طبع منه مليون نسخة.. بل هم بحاجة لأشقاء يتقاسمون معهم الكرامة ولحظات تحرير الجولان وفلسطين بعد استعادة سيف خالد ابن الوليد من أيدي القرامطة.