سوريا وآفاق النصر لثورتها السلمية
عمر كلاب
24-02-2012 04:33 PM
خفت صوت المفكرين وعلا صوت ازيز الرصاص، صمت عقلاء السياسة وانطلق هدير المدافع، لم تتحدث شهرزاد، ولم يحرك شهريار ساكنا، فما يجري على ارض سوريا يشبه الرصد السياسي الذي تنقطع عنده المحاولات الجادة، وتبقى المساحة متروكة للعمل الخجول ومناورات الرجولة العاجزة، ويمدد العفريت ساقيه مسترخيا فلديه ما يكفي من طعام دموي وهو يحرس رَصَده المدفون خلف زجاج شفّاف.
لا تحتاج الدفائن المرصودة في سوريا الى كبير عناء كي نعرفها او نتعرف عليها، فأولى العواصم يتحرك فيها كل شياطين الغرب والشرق، من الداخل والخارج، فما تقدمه البلاد من لحم ادمي طازج يوميا يكفي لإطعام كل شياطين الارض، ومن مختلف الاعمار والجنسيات، ومن لا يسمع دوي سقوط المنظومة الاخلاقية في اذنيه صمم.
ثمة نظام تأخر كثيرا في الاستجابة لمطالب الشعب السوري العادلة، واستمع لاصوات حزبية تجأر من مغارة خارج التاريخ، تعلن دعمها لمطالب الشعوب العربية، واستخفافها بما يطلبه السوريون من حرية وعدالة، بل وقابل النظام المطالب الشعبية بضحكات وكلمات سمعها الشعب العربي من كل انظمته قبل ان يصل الى مرحلة عدم التصديق وعدم الثقة ما لم تبادر الانظمة الى افعال حقيقية يراها على الارض واقعا.
ومن المساحة الفارغة بين الابتسامة والجأر، نفذ شياطين العرب والغرب الى قلب سوريا، مسنودين بخطايا ارتكبها النظام وحزبه الخاوي إلا من تصريحات مكرورة وممجوجة، فالفساد اكل خيرات الشام كلها، وعصابات الليبرالية المتوحشة بتحالفها مع الامن سطت على الاقتصاد وحولت المواطن الى مشروع استثماري، والجيل الجديد من الاقتصاديين بنى تحالفا عميقا مع ورثة العسملي، على غفلة من النظام المترهل -رغم شباب رئيسه- المشغول بتراقص الالفاظ على شفتي اردوغان، وهدر فضائية الممانعة في قمم من اجل غزة والمقاومة، التي استدرجت فيها سوريا الى شفا الهاوية، فقد نجحت في اختراق المجتمع السوري وتكوين خلايا “الثريا والفيس بوك” وعسكر هامشيين ينتظرون غمزة عين غربية وتركية.
وأسوة بكل الانظمة الشائخة والمترهلة استيقظ النظام السوري على واقعه متأخرا، وأصاخ السمع الى هدير الشوارع بعد ان وصل الهتاف الى شرفات القصر الجمهوري، وابدى الرئيس استجابة موضوعية لهذه المطالب، من تعديل الدستور وإنهاء حكم الحزب الواحد والغاء مفهوم “الى الابد يا اسد” بعد حصر الرئاسة بدورتين، على المعارضة السورية وقواها الحية وليست تلك الجالسة في عواصم الاذى الغربي، ان تبدأ التحضير لمرحلة العهد الجديد في سوريا، عهد ليس على الطريقة الليبية والنيتو، بل على وقع الابداع الدمشقي الذي يحافظ على سوريا ووحدتها وعدم غزوها ودخول الاحتلال اليها، ويبني ديمقراطية الشام.
فقد نجحت الانتفاضة الشعبية السورية في خلخلة البنى التقليدية للنظام واسقطت تابوهات البعث وحلف الامن والليبرالية، ولا طريق امام الرئيس الا التحالف مع الشعب وممثليه للمرور بأمان الى التقاعد او البقاء، فهذا خيار السوريين انفسهم، وليس خيار قوات النيتو او اتباعهم المتحررين من اوطانهم ولا قرار الجالسين في اسطنبول او غيرها من عواصم الغرب.
هناك بوادر نصر لثورة سوريا السلمية، وهناك استجابة لكل المطالب العادلة التي تخرج سوريا من ازمتها، ودخولها عهد البناء الديمقراطي المسنود بواقع اقتصادي جيد عكس كثيرين، وهذا ضامن لان تكون سوريا واحة وبساتين كما هي دوما وستبقى، فلنقرأ واقع البلدان التي عبث بها الغرب وفرسان هيكله الجدد ونتفق على ان الاوطان تبنى بالحب والديمقراطية فقط، فما زالت تجربة نيلسون مانديلا حاضرة وتؤكد صحة هذه النظرية، فالرجل زرع الحب والديمقراطية وأعلى قيمة الانصاف والمصالحة؛ فنجح في الغاء ودفن احقاد طويلة، ونحن نستلهم الافضل لاوطاننا ولا نستنسخ الاسوأ.
omarkallab@yahoo.com
الدستور