الثلاثاء الماضي فتح رئيس الوزراء قلبه واسعا امام الزميلة "الغد", ولا ندري بالضبط متى تم اجراء الحوار, لكن بالتأكيد قبل لقاء الملك مع اعضاء مجلس النواب يوم الاحد الماضي, والذي اكد جلالته فيه ان "الانتخابات النيابية مصلحة وطنية لا تحتمل التأجيل", واذا كان موعد اجراء الحوار بعده, فإن الرئيس لا يزال مصرا على تأجيل الانتخابات, ومعاندة الرغبة الملكية.
في الحوار أفصح الرئيس عن توجهات حكومته في أبرز القضايا المطروحة, ولهذا فإن مناقشتها ونقدها والتنبيه الى نتائجها ضرورة وطنية ملحة, وبالرغم من ان كل ما جاء في الحوار يحتاج الى معالجة, الا انني سأكتفي بأمثلة قليلة تعبر عن توجهات ونوايا الحكومة تجاه القضايا الملحة, والتي تفرض نفسها على أجندة الحكومة وحياة الشعب.
في الجانب الاقتصادي يقر دولته بان عجز الموازنة كبير وخطير, ولا يمكن ان تضاف له اعباء جديدة تكون قاصمة لظهر الاقتصاد والحكومة, وربما تؤدي الى انهيار اقتصادي, ومن أجل ذلك فهو يقر بمطالب المعلمين واحقيتها, ولكن لا يمكن تنفيذها للأسباب الاقتصادية التي عرضها وعلى قاعدة انه لا يمكن تحميل الموازنة أي عبء إضافي, ويطلب من المعلمين تفهم وتقدير ذلك, والموافقة على عرض الحكومة, والسؤال لدولته, كيف وافق في النهاية على مطالب المعلمين, وهل يستطيع ان يلتزم بتلبية ما أجله هدا العام في العام المقبل, أم اننا سنكون أمام مأزق جديد وذرائع جديدة خوفاً من مصائب كارثية اعظم.
وفي مجال القوانين التي تحدث عنها أكتفي بالقاء الضوء على ما قاله حول قانون الانتخاب, وقد حوت الاجابة كثيرا من المغالطات التي لم تمكننا من معرفة, هل ستجري الحكومة الانتخابات النيابية هذا العام أم لا? وبحسب كلام دولته نرجح الثانية, فدولته يقول انه لا يمكن اجراء الانتخابات النيابية الا بعد تشكيل الهيئة المستقلة, وبعد اقرار قانونها, وغيره من القوانين التي يجب ان يقرها المجلس الحالي, لأن الدستور الجديد لا يسمح باصدار قوانين مؤقتة, أي ان المجلس باق الى ما شاء الله, او على أقل تقدير الى حين اقرار القوانين الخاصة بالهيئة المستقلة, وقانون الاحزاب, والأهم قانون الانتخاب, والذي يقدم حوله افكاراً متناقضة, حيث يصرح انه يجب اجراء انتخابات سريعة للإتيان بمجلس نيابي منتخب على أساس نزيه وشفاف, ثم يتبع ذلك: انه لا يمكن اجراء الانتخابات من دون الهيئة المستقلة, والتي يحتاج إعدادها الى عام, فهل يعني ان الانتخابات يجب اجراؤها بعد عام على اقل تقدير, ثم يدخل للدفاع عن ما يسمى بقانون العام 1989, ويرد على من يقولون انه يختاره تحيزاً للاخوان المسلمين بالهجوم على من يطالب بقانون التمثيل النسبي, وهنا يخطىء تفسيراً ومثالاً, حيث يأتي باسرائيل مثالاً ليقول ان التمثيل النسبي يأتي باليمين والمتطرفين, والسؤال الملح هنا: بماذا أتت القوانين التي اعتمدناها يا دولة الرئيس وانت اعلم?
قانون 89 , الذي يميل له الرئيس, ليس ابتكاراً للحكومة الحالية, اضافة الى الاقرار - على نطاق دولي حتى لدى الدول التي لا تلتزم بالنسبية -, بأن قانون التمثيل النسبي هو الأكثر عدالة بين القوانين الانتخابية, لانه ينتقل بالمنافسة من الافراد الى البرامج, ويتيح فرصة المشاركة للطيف السياسي كله للمشاركة في المجلس النيابي, وخلق حالة من المنافسة في خدمة الوطن والمواطن.
osama.rantesi@alarabalyawm.net
العرب اليوم