نهاية الإضراب .. انتصار لجميع الأطراف
فهد الخيطان
22-02-2012 03:57 AM
كان تمرينا ديمقراطيا حيا، انتهى بانتصار لجميع الأطراف. لم تخسر الحكومة بالاستجابة لمطالب المعلمين، ولم يخسر المعلمون عندما وافقوا على حل وسط. الطلبة خسروا بضعة أيام دراسية يمكن تعويضها، لكنهم تعلموا من الإضراب دروسا لا ينالون مثلها في غرفة الصف.
المسألة، كما قال القائد النقابي مصطفى الرواشدة، ليست علاوة فحسب؛ الإضراب بحد ذاته كان درسا في الكرامة سيدرك الطلبة معناه وقيمته.
إضراب المعلمين على هذا النحو الراقي، يؤسس لحالة وعي نفتقدها على كل المستويات، ويرسي القواعد الأولى لممارسة الديمقراطية الواعية والمنتجة، ففي الميادين والشوارع يتشكل الوعي وتتجذر مفاهيم الديمقراطية. يوم واحد مثل الذي شهدناه على الدوار الرابع بألف محاضرة وندوة عن الديمقراطية.
قدم إضراب المعلمين وجوها شابة جديدة صقلت التجربة وعيها. وسيكون لهؤلاء المعلمين، بلا شك، مستقبل في العمل العام، وحضور في المشهد السياسي. النقابات والاتحادات العمالية والمهنية في الدول الديمقراطية هي التي ترفد الطبقة السياسية بالطاقات الشابة اللازمة لعملية تجديد النخب.
وكشف الإضراب عن قدرات عالية لدى المعلمين على التنظيم والحشد والتكتيك التفاوضي، وإجادة لعبة التوازنات لتحقيق أفضل صفقة ممكنة مع الحكومة. كما أظهرت تجربة أسبوعين من الإضراب عمق الحس بالمسؤولية عند المعلمين، وتجلى ذلك في الحرص المبكر على الوصول إلى اتفاق ينهي الإضراب بأسرع وقت ممكن.
النجاح في تنظيم الإضراب، والوصول به إلى النهاية المرجوة، سيعزز شعور المعلمين بأهمية النقابة، وسيجذب المترددين للانتساب إليها حال تشكيلها هذا العام.
المؤسف في تجربة المعلمين التي عشناها خلال الأسبوعين الماضيين، هو إصرار بعض الأوساط السياسية والإعلامية على تشويه صورة المعلمين، والاستخفاف بحقوقهم ومطالبهم، وتصوير إضرابهم على أنه خروج عن المصلحة الوطنية. لقد تلقى المعلمون من هذه الأوساط إهانات بالغة تحملوها بكل شجاعة، ولم ينجروا إلى معارك جانبية حاول البعض إشعالها لكسر الإضراب. إن هؤلاء مدينون بالاعتذار للمعلمين عما بدر منهم من إساءات.
لكن في المقابل، وقف تيار شعبي عريض إلى جانب المعلمين، وبلغ التضامن ذروته في مشاركة قوى من الحراك الشعبي في المحافظات والعاصمة في اعتصام الدوار الرابع، إلى جانب أحزاب سياسية عديدة.
وللمرة الأولى، تُظهر السلطة التشريعية القدرة على لعب دور حاسم في قضية عامة. تمثل ذلك في الدور البناء الذي لعبه رئيس مجلس الأعيان طاهر المصري، وبتكليف من المجلس. والجهود المضنية لرئيس اللجنة المالية في مجلس النواب أيمن المجالي، وزميله النائب نضال القطامين. لقد كان بمقدور الحكومة أن تنهي الإضراب في أيامه الأولى لو أنها أخذت بالاتفاق الذي توصل إليه المجالي مع ممثلي المعلمين، لكن تعنتت في موقفها لتعود وتوافق على صيغة قريبة جدا من ذلك الاتفاق.
حسنا فعلت الحكومة؛ فكلما طالت أيام التمرين الديمقراطي كسبنا دروسا جديدة.
الغد