يُصدر رجال دين سعوديون فتوى بتحريم ارتياد معرض الرياض للكتاب, في الوقت الذي يشهد فيه الوطن العربي نسبة عالية من الأمية, وازدياد معوقات التنمية, وتكرّس العنف والجريمة في بلدان عدة.
ارتياد المعرض يعدّ من المنكرات, ومحرماً على المسلمين والمسلمات, وفق الفتوى, في إصرار دائم من "المفتين" لنزع أهمية العلم ودوره عن الإسلام تاريخاً وحضارة وثقافة.
"نزع" متعمد تُظهره فتاوى سابقة لا تعترف بكروية الأرض ودورانها حول الشمس, ولا بنزول الإنسان على القمر, ولا تقدّر قيمة الكِتاب, ما لم يصدر عن رجال الدين أنفسهم, متجاهلة نهوض الحضارة العربية الإسلامية برعايتها العلم وترجمة آثار الأمم السابقة في الفلسفة والعلوم الطبيعية والفلك وغيرها.
عقلٌ لا يكتفي بقتل العلم, بل يمارس عنفاً في منعه وتحريمه, ما تشهده أروقة معرض الرياض, في دورات سابقة, حين هاجم متشددون عدداً من المثقفين, وتطاولوا عليهم باليد واللسان.
عنف ممنهج يميز سلوك "الجهات المحرِمة" منذ قرن وأكثر, وهي تبشر به في جميع أنحاء العالم من خلال مدارسها وبعثاتها الدعوية, التي انتقلت إلى فضائيات يملكونها ويمولونها لإدامة العنف وسيطرتهم في آن.
سيطرة تيار واحد من المشايخ قامت على ذهنية التحريم حتى أن إحدى الفتاوى حرّمت, منذ فترة قريبة, إختلاء الأب بابنته, وتحاول تسويق أزمات العرب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بأنها نتيجة "تحليل" العلم والأدب والفن والموسيقى....
الاستغلال الأبشع لهموم الناس وضعفهم لا يتوقف عند حدود التحريم, إنما دأبت هذه "المؤسسة الدينية" على تجنيد الفقراء في العشوائيات التي تحيط المدن العربية, ودعمهم بالمال والسلاح, من أجل إعاقة أي مشروع تنويري يعتمد العقل لا النقل.
معاداة التنوير لديهم ارتبطت بمهادنة "مدروسة" مع الكيان الصهيوني عبر خلق أعداء مفترضين للمسلمين في أفغانستان والشيشان, لضبط قواعد اللعبة التي تسمح بالجهاد على أن لا توجه البندقية إلى العدو الحقيقي.
استبقت الفتوى الأخيرة افتتاح معرض الرياض للكتاب الشهر المقبل, وربما تُحسم معركة التحريم, هذه المرة, كونها اندلعت في مكان وتوقيت مناسبين.
mahmoud1st@hotmail.com
العرب اليوم