في "بلد البنات" تتلخص أمنيات البنات بتفاصيل يراها البعض تافهة لكنها تجس بحقيقتها نبض العدالة , ومن هذه الامنيات حلم راود مجموعة بنات بتناول القهوة معاً بنكهة أم كلثوم مساءً خارج منازلهن كأشقائهن الذكور دون الخوف من التأنيب والتوبيخ, فكن يستعضن عن القهوة بنكهة الحرية بتلك التي تحيطها نكهة فيروزية أو أغان تتواطؤ معهن على الحرية, وحين يسرح خيالهن فيحملهن للحظات خارج الحدود التي أقامتها العادات بينهن وبين الحرية التي فطرهن الله عليها لا تلبث أن تأتي ضحكة إحداهن وتبدد تلك الخيالات, وفي أحيان تقابل إحداهن ذلك باستنكار مفتعل وضحكة ماكرة تحوم حول شفتيها قائلة:
- لانريد ضحكات رقيعة في هذه الجلسة المحترمة.
ويأتي تعليق ساخر من أخرى يطلق العنان لضحكة مشتركة تعود لتجمعهن على أمنية غافية في أعماقهن.. تعلنها إحداهن على الملأ عندما يوقظ الوقت قلوبهن التي تم ضبطها حسب دقات الساعة قائلة:
- لو أننا ذكور لتمكنا من الاستمتاع بالغروب خارج المنزل والمكوث مدة أطول.
ويطرح التأفف سؤالاً في حضرة التوتر قبيل المغيب:
- لماذا يباح لابن آدم ما يحرم على ابنة حواء؟
ويبقى السؤال الأخير أسير الصدور غير قادر على تأخير أيديهن التي تعدّل من وضع الساعات لاستبانة الوقت, وعاجز تماماً عن مواجهة إلحاح الهاتف النقال الذي يتوعد تأخرهن, وذات السؤال بكل ما تحوي من مضامين العدل والمساواة أضعف من الوقوف في وجه البقال الذي يطلق نظرات تستنكر عودة إحداهن إلى بيتها بعد غياب الشمس في حين لا يتوانى عن القاء التحية على أحد الشبان الذي يستعد لسهرة مع رفاقه مثبتاً أنه رجل لا يقف في وجه مدّه أحد.
وإلى أن يتحرر ذلك السؤال من "دنيا البنات" ويتشكل على هيئة فتاة ثورية تقف في وجه عادات لا تنصف إلا من يملك القوة ويحسن انتزاع حقه سنبقى أسيرات دنيا أقيمت قوانينها حتى نُسلبَ الحرية والعدل بحجة العيب.
hakaweebent@yahoo.com