يستطيع المتفرج على مدرجات ملعب كرة القدم ان يسجل كل الاهداف وان يتخطى كل الصعاب والعقبات والافلات من المهاجمين والمدافعين ما دام هو يراقب وقلبه ملهوف على صنع الاهداف وتحقيق اكبر الانجازات لفريقه الذي يشجعه لكن ذلك ليس عمليا ولا يساوي اي قيمة على ارض الواقع لان اللاعبين الاساسيين هم الذين يصنعون اللعب وهم وحدهم الذين يسجلون الاهداف وهم الذين تقع على عواتقهم خسارة فريقهم او نجاحه بينما المتفرج يستطيع ان يغادر المكان بمجرد انتهاء المباراة دونما ان يتحمل شيئا.
ما يهمنا هنا ان اللاعبين الاساسيين في العالم العربي هم الشباب الذين كانوا وقود الحراكات الشعبية الذين تحملوا العذابات والقهر والذين استشهد منهم من استشهد وقمع من قمع وجرح من جرح واصبح كثيرون منهم معاقين بينما من يدعي العقلانية بامكانهم ان ينظروا وان يدافعوا وان يقللوا من اهمية الانجاز او المزايدة على من صنعوا تاريخا جديدا في العالم العربي.
لا يعقل ان تبقى كراسي الحكم في العديد من الدول العربية في ايدي عائلات مع ان هذه الدول تقول انها جمهوريات وانها ضرورة من ضرورات استمرار الناس في النعيم والا حرق ذلك الحاكم البلد كلها على من يحتج عليه لان من يحتج في نظره يعرض الوطن الى مؤامرة كونية سوف تقود الى تحطيم الدولة وتقسمها وتفرق بين الناس وكان ذلك الحاكم قد قيض من الله العلي القدير لحكم ذلك الشعب واذا ما غادر فالخراب سيحل فجأة وبدون مقدمات لانه اما هو واما الطوفان والقتل والتدمير وخراب البيوت.
يستطيع الحاكم في اي دولة من الدول ان يحكم على قاعدتين اساسيتين هما الشرعية والكفاءة وهذا مفهوم عالمي تماما لا يستطيع احد ان ينكره فالشرعية في حكم العديد من الحكام العرب ليست موجودة لان هذه الشرعية لا تتأتى الا من خلال صناديق الاقتراع فاي حاكم عربي حصل على هذه الشرعية من خلال صناديق الاقتراع؟ وكيف لاي منهم ان يدعي انه يمثل الشعب اوانه الحاكم الشرعي للامة ما دام لم يحصل على تفويض من خلال صناديق الاقتراع؟ فهناك الزعيم العربي الذي جاء على ظهر دبابة قبل اكثر من عشرين سنة ولا يزال يحاول ان يصبح رئيسا مدى الحياة واخر اخذها بالقوة واستولى على مقاليد الحكم بوضع اليد وحاكم اخر تم تعديل الدستور ليتطابق مع وضعه وسنه خلال دقائق.
وعند الحديث عن الكفاءة فموضوع اخر ومسألة فيها كثير من النظر فايهم يملك تلك الامكانيات وتلك الكفاءة سوى في القتل والبطش وفرض الحلول الأمنية والتستر تماما خلف اسوار حرق القلوب على الاولاد والممتلكات والمقدرات والادعاء بالممانعة والمقاومة ولم نر شيئا منها على مدى كل السنوات الطوال الخاليات الا من خلال تنظير واحاديث فضفاضة لم يصل منها الى الشعب المعني شيء على الاطلاق.
لماذا لا يؤمن قادتنا العرب ان هذا الكرسي الذي يجلسون عليه لا بد ان يكون دوارا يستقبلهم ويستقبل غيرهم؟ ام انهم يريدون ان يبقوا في اماكنهم حتى ياتيهم الطوفان فياخذهم معه بلا شفقة ومع لعنات الشعوب؟ ما يزال الوقت مبكرا جدا علينا حتى نصل الى تلك المرحلة.
الدستور