حوالي عام أربعة وتسعين من القرن الماضي روى لنا الدكتور أحمد عبد الله الطراونة مدير ثقافة الكرك آنذاك قصة طريفة جدا.
وقبل أن أبدأ بسردها أنوه إلى أن الكركية يؤنثون الجاكيت، وإلى أن الدكتور الطراونة مثقف موسوعي من نوع فريد.
تقول الحكاية المعروفة في المحافظة: إن فلانا (ونفترضه هنا جمعة.. أي والد خميس .. ما غيره) كانت له جاكيتة قديمة ووحيدة وبالية جدا، وكلما تمزقت رقعها رقعة جديدة، واستمرت هذه الحال إلى أن تلاشت ملامح الجاكيتة الأصلية تماما، وأصبحت الجاكيتة مجموعة من الرقع، ويبدو أن الرقع الأولى تلاشت هي الأخرى، فجاءت فوقها رقع أخرى.. فأصبحت الجاكيتة معروفة عن بعد، وتطور الأمر فأصبحت مضربا للمثل، وصار الناس في الكرك يقولون: فلان أو الأمر الفلاني معروف مثل عين الشمس، أو مثل الثور الأبرق، أو مثل جاكيتة جمعة..مثلا .
في يوم من الأيام كره جمعة الجاكيتة وقرر التخلص منها، فخلعها في مجلس عزاء ( أو فرح لا أذكر) وتناساها ومضى، فوجد من يعيدها إليه بكل سهولة ( على قاعدة حذاء الطنبوري)
ذهب بها إلى مكان بعيد وتركها، وغاب الأمر سنوات حتى نسي الأمر، وذات مرة كان يجلس في أحد المجالس العامة.. وكان أحد الجالسين يتكئ وتحت كوعه مخدة يابسة سببت له خدرا وألما في ذراعه، فتحسس الرجل المخدة جيدا حتى أدرك سر يباسها وقال للحاضرين: أراهن أن جاكيتة جمعة هي حشوة هذه المخدة اليابسة، فراهنه البعض، وفتح كسوة المخدة.. وكانت الحشوة كما قال تماما.. جاكيتة جمعة.. أعني الرقع المتصلة، لأن الجاكيتة انتهت كما أسلفت وتلاشت ملامحها الأصلية تماما، فضحكوا وأعادوها إلى صاحبها.
وإلى اليوم يتذكر صديقي (خميس بن جمعة) هذا المثل وقصته وكثرة الرقع التي تؤدي إلى إختفاء الملامح الأصلية .. والشكل المضحك الذي تصبح عليه المؤسسات المرقعة .. كلما سمع أو قرأ عن.. إعادة هيكلة.. أو زيادة رواتب.. أو تعديل قانون.. أو استحداث قانون مؤقت.. أو إجراء تعديل وزاري.. أو تصويب أوضاع.. أو تنقلات فنية .. أو تعيين مزيد من المستشارين.. أو تعزيز فريق أو لجنة.. أو إعادة تأهيل مؤسسة ما .. (مثلا). ويطلق على الواقعة عبارته التي ذهبت مثلا.. ( مثل جاكيتة أبوي جمعة) إذ تعود المؤسسة كما بدأت بعد كل ترقيع.
يتفلسف خميس قائلا: إن الجاكيتة لم يكن لها حل إلا الحرق وتفصيل واحدة جديدة.. ولعله يعني المؤسسات.. ثم يضيف: نحن بحاجة إلى من يقدم لنا خطة جديدة بعنوان( بريسترويكا الجاكيتة المرقعة)
http://atefamal.maktoobblog.com/