مع فلنتاين العرب البوعزيزي .. عيد للحب أم الحرب؟!
حلمي الأسمر
15-02-2012 02:35 AM
بين الحب والحرب مجرد حرف، لكن مساحة هذا الحرف تستوعب عالما بأكمله، ثم من قال أن الحب لا يلد من رحم الحرب؟.
قبل عام بالتمام والكمال، كتبنا في هذا المكان: عيد حب غير شكل هذا العام!!
وقلنا.. أن عيد الحب هذا العام له طعم مختلف في دنيا العرب ، كل عام يحتفل العشاق بإهداء أحبتهم هدايا حمراء: ورد أحمر ، زجاجة عطر بلون الدم ، قطعة قماش صغرت أو كبرت، وربما أغنية تحول الحب إلى نشيد وطني..
هذا العام عيد الحب كان له لون الحب المفقود منذ زمن بعيد جدا ، الحب الذي يتوق للانعتاق من العبودية والقهر والجبروت والفرعنة ، عيد حب للحرية الحمراء ، التي لا تدق بابها إلا الأيدي المضرجة بالأحمر القاني، رغبة في وضع حد لعصور طويلة من الاستلاب والاغتراب، والتغييب والغياب ، فقد حضرت فجأة كل تلك المشاعر التي داستها البساطير ، وربضت على صدورها الضغوط والمخاوف، إنه عيد حب جميل، ينعتق فيه العشاق الحقيقيون للحرية من هواجس الخوف، وحسابات غرف التحقيق والاستجواب، حب يتدفق في الأفق العربي، ثورات صغيرة تتجمع كأنها جداول حمراء ، لتصب في النهاية في نهر هادر، سيغير كل أصول لعبة سيطر عليها الساسة والنخب المتواطئة!.
كما ألهم القديس فلنتاين العشاق ، وأشعل خيالهم ، ها هو فلنتاين العرب البوعزيزي، يلهم العشاق في ربيع مصر، وبنفسج تونس، وجمهورية ليبيا الجديدة، ومهرجان الشهادة في سوريا، وإصرار اليمن على اجتراح الحياة، كل هذا.. يلهم عشاق الحرية في بلادنا العربية، فتبدع طقوسا جديدة في التعبير، والانطلاق ، إلى آماد كانت حكرا على حفنة من المتفلسفين، فغدت أغاني الحب الثورية ، مرتسمة على كل لسان، بلا خوف أو وجل، أو حسابات، على ألسنة العشاق، وفي رنات هواتفهم الخلوية!.
عيد حب جميل كان هذا العام ، وبوسع أي باحث أو راصد ، أن يرى كم تكاثر العشاق في دنيا العرب، وكم تفجرت ينابيع هيامهم وعشقهم، فغطت مساحات بلا مدى، فطفقوا يمارسون طقوسهم الجميلة ، بأكثر الكلمات وضوحا، مرتادين مناطق حمراء، ومكسرين لتابوهات كان الاقتراب منها كفيلا بالغياب وراء الشمس!.
عيد حب مختلف كان هذا العام ، بدعة؟ نعم هي كذلك ، ولكن ثمة من البدع ما يتحول إلى سنة حسنة ، وقدوة للمقتدين ، وما أجمل أن يتبادل عشاق مصر وتونس وليبيا واليمن وسوريا، تجربتهم في عشقهم للحرية ، مع عشاق العالم كله، لا عشاق بلاد العرب..
عيد حبنا هذا العام ، ألهم الملايين بأن يحلموا بالحرية، وغدا العشق العربي للحرية أمثولة لعشاق العالم، للمرة الأولى منذ عقود، يقتدي الآخرون بنا، إنها بشرى لابن خلدون، الذي كتب مطولا في مقدمته الشهيرة حول مسألة تقليد المغلوب للغالب!.
أيتها الحرية الحمراء ، نهتف مع ملايين المقهورين والمعذبين في الأرض: كل عام وأنت حبيبتنا، إنه عيد الحب الثاني المختلف هذا العام!.
hilmias@gmail.com
الدستور