المواطن الأردني بين حقيقة الفساد ونمو الإقتصاد
د. عادل محمد القطاونة
11-02-2012 02:52 PM
لقد شهد الأردن من السنة المنصرمة حالة لم تشهد المملكة نظيراً لها في السنوات العشر الأخيرة تحديداً من حيث التحديات والمخاطر والإصلاحات السياسية والإقتصادية والإجتماعية وقضايا الفساد والتي تستمر أحداثها حتى اليوم، إن بؤر التأزم التي واجهتها المملكة تنامت بالشكل الذي جعل البعض يشكك في إستمراية الدولة من القيام بأعمالها لا سمح الله ، لكن ما يلفت النظر في تلك البؤر هو احتدام التأزم بوضوح واتخاذه أبعادا جديدة لم تلازمه في سنوات سابقة.
في خضم كل ذلك ظهرت موجة من الترقب بين أبناء الوطن بشيبهم وشبابهم مشوبة بمسحة من الخوف مصدرها عدم الرضا بالواقع الذي يسود المملكة في كثير من الأمور وتحديداً الإقتصادي منها !! وفي جهة أخرى كان الرضا هو العنوان الأبرز في بعض القضايا حيث رأى البعض أن هنالك تحولاً جذرياً في تعامل الدولة مع القضايا المختلفة خاصة في التعامل مع بعض الشخصيات الوطنية التي كان يشار إليها في البنان والتي كان يستغرق الوصول إليها أشهر طويلة من البحث والرجاء والأبواب وقد تحظى بشرف اللقاء بعد ذلك إذا أسعفك الحظ !!
لقد كان للنقاشات والندوات واللقاءات بين فعاليات المجتمع المختلفة حيز في المعادلة الوطنية بالفترة الأخيرة رافقها سلسلة من التأوهات المتحسرة على واقع مرير تسبب به بعض مواطني الأردن من مسؤولين صغار وكبار لم يحترموا الثقة التي منحت لهم فعوضاً عن التفاني في العمل والإخلاص للوطن ، أستبدل البعض ذلك بالإهمال في العمل وخيانة الوطن !! فباتت قضايا الفساد من أهم القضايا التي تحدث فيها المواطن الأردني المتعلم وغير المتعلم ، الكبير والصغير وفي جميع مناسباتنا الإجتماعية منها والوطنية وغيرها وبات الحديث عن الفساد من مسلمات الحياة اليومية للمواطن الأردني.
لقد تقدمت الصفوف مواضيع الفساد والتشكيك والتكتلات السياسية والإتهامات المتبادلة والإعتصامات بشكل كبير تاركة وراءها بمسافات طويلة أي جانب الإقتصادي !! وفي خضم هذه العاصفة التي يتوقع لها البعض أن تتسع في الأيام القادمة تؤول النقاشات إلى إلقاء اللوم على كثير من العاملين في القطاع الحكومي الذين منحوا الثقة ولم يكونوا أهلاً لها في كثير من الحالات!! فأدت سياساتهم وأفكارهم إلى العديد من حالات الفشل الإقتصادي والسياسي التي سادت وتسود المملكة فبعض المسؤولين الذين إنطلقوا من مصالح شخصية أقترفوا جرماً بحق المواطن والإقتصاد الأردني في قدرته على التعامل مع الواقع المحلي والدولي بنظرة شمولية مبنية على أسس علمية يحكمها المنطق والإخلاص في العمل.
لن أقف عند فساد بعض المسؤولين الحكومين ودورهم في إضعاف نمو الإقتصاد الوطني ، ولكن لن يعفيهم الشارع الأردني بكافة أطيافه من تلك الأخطاء التي كبدت الأردن الكثير من الخسائر المادية والمعنوية تاركا للمواطن الأردني تقييم هؤلاء المسئولين من خلال نتائج أعمالهم التي إرتكزت على المصلحة الشخصية ولا غير ذلك وعلى حساب الوطن والمواطن.
وإذا كان لنا ان نعرج ونحن في طريقنا نحو تشخيص العناصر المسئولة عن الواقع الإقتصادي والمعيشي الصعب للمواطن الأردني فإنه يمكن القول بأن التباطؤ الذي أصاب الإقتصاد الأردني في السنوات الأخيرة وتفاقم عجز الموازنة وتردي الوضع المعيشي للمواطن وإرتفاع تكلفة المعيشة وزيادة المديونية يعود في جزء كبير منه إلى فساد تجذر في إقتصاد الأردن لسنوات خلت تاركاً وراءه أي مصلحة وطنية ، فكان الهاجس الأكبر الذي أنطلق منه بعض رموز الفساد مبنياً على إضعاف بعض المسئولين من ذوي الكفاءة والخبرة وإستبدالهم بما يتماشى وسياساتهم، والتشكيك والتسويف في الحقائق الوطنية ضارباً مطالب المواطن الأردني بحياة كريمة عرض الحائط، وما الحراك الشعبي الذي تشهده المملكة منذ شهور طويلة إلا نتيجة للتهميش بحق المواطن، والمتابع لأغلب الحراكات الشعبية ومطالبها يتلمس البعد الإقتصادي بين ثنايا المطالبات بالإصلاح ومكافحة الفساد ، فتحسين الرواتب والعيش بكرامة وتحقيق الشفافية في الحياة الإقتصادية والسياسية من خلال وجود القوانين الناظمة للحياة السياسية والإقتصادية هي ما يصبو إليه المواطن الأردني الشريف الغيور على الأردن وهي ما كفلها له الدستور الأردني.
أستاذ المحاسبة والاقتصاد المساعد
a.qatawneh@zuj.edu.jo