الإنحراف التشريعي في الأردن ؟!
سامي شريم
08-02-2012 12:22 PM
من أهم أسباب التراجع على كافة الأصعدة هو ما حدث من إنحراف تشريعي تمثل في تمحور النواب حول مصالحهم تبعاً لتعليمات الحكومة ، مما أفقد المجلس دوره التشريعي وجاء بتشريع لكثير من القوانين ليعزز مكتسبات الِشلَلّ السياسية والمتنفذين وأصحاب الأجندات ، وغابت الرقابة البرلمانية ، ليس هذا فقط بل جُندت القوانين لحماية الفاسد و تحصين الفساد ، وبهذا كنا نرى الفساد ولا نرى الفاسد ، وبعد أن بدأت الأمور تتكشف وجدنا أن الفساد موجود في كل الدوائر والوزارات والمؤسسات والهيئات والمجالس في القطاع العام والخاص إلا من رحم ربي!!.
كما تم محاربة وإقصاء كل من حاول كشف المستور ولبسَ عباءة الوطن وأصبح المخلص مدّعي وطنية !!، والفاسد هو الحارس والحامي لمقدرات الوطن ؟!، ولم يقتصر هذا على النائب بل كل أبناء الوطن الشرفاء فلم تكتفي الحكومة بتزوير النائب بل كبلته بنظام المجلس الداخلي ، الذي أرى أنه يجب أن يُعدل ، وأن أهمية تعديله تأتي في المرتبة الأولى في الإصلاحات السياسية.
وعندما ننظر في صفوف النواب والحكومة لا نرى أحداً ممن يملأ العين إلا القلة القليلة التي لا تتجاوز أصابع اليدين !! ولا أرى فراغاً في ذهابهم جميعاً نواباً ووزراء ، وأرى أن الفراغ في وجودهم لأنهم يقودنا إلى تفليسه إحتيالية إجرامية ، فما معنى أن يصل العجز إلى حوالي نصف الموازنة قبل المساعدات ؟! وما معنى إستمرار المؤسسات والهيئات المستقلة وهي تستنزف الأمة والكل ينظر ويسمع ؟!! والوطن يضعف ويستكين !! و ما معنى أن نبقى رهينة الديون والمساعدات ونحن 6 ملايين من المثقفين والمؤهلين للقيام بكل النشاطات التي تبني الدول ؟؟! ما معنى أن نبني دولاً و لا نستطيع بناء الأردن القوي ؟؟! هل القصور فينا أم في الإدارة البالية المتمثلة في الحكومات والنواب والأعيان ، و كل من تسلم مسؤوليه في هذا البلد ، وقد انتهى عهد المجاملات والمحسوبيات وليس لأحد أن يمن على الأردنيين بحقوقهم وأقولها لكم والله سنبكي دماً إذا لم نسارع في الإصلاح و إذا لم نعزز الإنتماء للأردن بلا قبليه ولا فئويه ولا مناطقيه ولا طائفيه ولا عشائريه ،وبدون تعزيز الوحدة الوطنية لكل الأردنيين فإننا نسير بتسارع نحو الهاوية ، ونعمل لتعزيز مشاريع التوطين والتهجير القائمة في المنطقة.
الأردن ، القوي المتماسك ، هو القادر على الوقوف في وجه كل التحديات الداخلية منها والخارجية ، أما إنتظار المساعدات التي تأتي على حساب السيادة أو طلب القروض الداخلية التي قضت على الإستثمارات الوطنية و القروض الخارجية التي تجلب البنك الدولي لإملاء شروطه ولم يبقى لدى الدولة حلولاً إلاّ الحل الوحيد الذي تلجأ إليه دائماً وهو جيب المواطن بعد أن عطلت الدولة مشاريعه وقَضَتْ على إستثماراته و على دَخلِها الضريبي بالتبعية ، فأي سياسة تمارسها الحكومات كمن يجند كل طاقته ليعمل ضد نفسه لقد نافقنا الحكومات عشرات السنين ، أليس من حقنا أن ننافق الشعب ولو سنة ، إن حراك الشارع يجب ان يبقي الوزير مرعوباً ويبقى النائب أكثر رعباً ، فلا هذا ولا ذاك قدم لنا إلا المصائب ، لقد تآمروا معاً على الوطن ، حتى وظائف الدرجة الأولى والرابعة أبعدوا عنها الأكفاء وأتوا بالمعارف والأصدقاء لضمان ولائهم ولإبقائهم تحت البنديرة لتنفيذ مآربهم ورغباتهم ، ولا يفهم من هذا أنني مع استمرار حراك الشارع في ظل هذا الظرف الإقليمي المتوتر ، ولكن مع أن يَفهم المسؤول أنه لم يعد قادراً على تجاوز الأردنيين وأنهم جاهزون لزلزلة الأرض تحت قدميه عندما يخطأ أو يفكر في الخطأ.
إن أكبر الأخطاء التي إقترفتها حكومة البخيت كان في إقرار الإصلاحات الدستورية قبل قانون الإنتخاب مما أدى إلى تحصين المجلس لنواب وصلوا بتزوير قانوني ضمن الدائرة الوهمية للقانون القديم ، وصار همهم تعطيل الإصلاح السياسي بهدف إطالة عمر المجلس ، وتلاقت مع رغبة الحكومة بإطالة عمرها وأبقوا مصلحة الوطن آخر همومهم ؟؟!..