كانت وجهة نظرنا أن الحصول على مجلس نواب مختلف يحتاج الى قانون انتخاب مختلف، أمّا وأن هذا لم يحصل فالسؤال هو ما الذي يمكن عمله لتحسين نوعية النيابة؟ السياسة لم تعد ذات شأن في هذه الانتخابات، ومع ظهور ترشيحات الاخوان يمكن سلفا تقدير حصّتهم في مجلس النواب لكن ماذا عن البقية، وهم الجسم الرئيس الذي سيحدد ملامح المجلس وستتعامل معه الحكومات على مدار السنوات القادمة؟
أثبتت التجربة بصورة قاطعة ان الحكومات وإدارة البلد عموما عانت من تدنّي المستوى في وسط الموالاة أكثر مما عانت بسبب المعارضة السياسية. فالنواب الأقلّ وعيا وتسييسا كانوا يثيرون المشاكل أكثر من غيرهم بتطلّبهم الثقيل والاناني الذي لا يراعي الاعتبارات العامّة، وكانت التصويتات في احايين تقايض القضايا الكبيرة بالمطالب الصغيرة، ولم يكن البعض ليتردد عن التصويت بإسقاط بند في قانون على جانب كبير من الأهمية لقطاع اقتصادي نكاية بوزير لم يلبّ له مطلبا معيّنا.
هذا جانب واحد حتّى لا نتحدث عن المساهمة في جهود التطوير والتحديث والتنمية التي تتطلب قدرا معقولا من الثقافة والوعي والمسؤولية العامّة، أمّا المواقف المحرجة في الجولات الخارجية وتمثيل البلد في المحافل والحوارات مع النظراء والهيئات الخارجية.. فحدّث ولا حرج.
نخشى في هذه الانتخابات عزوف العناصر الأفضل عن الترشيح، ونخشى من تدهور ثقة الناس بأهمية الاختيار على اساس القناعة بنوعية المرشح، ونخشى ان يتفاقم دور المال وقد حفلت الصحافة في الآونة الأخيرة بالتعليقات على هذه الظاهرة، ولا نرى ان يكتفي وزير الداخلية بالتأكيد على التزام القانون الذي يعاقب على شراء الأصوات، بل يجب اظهار جدّية بالملاحقة وفتح تحقيقات ازاء اية شكاوى، ولعلّ خوف المرشحين الحقيقي من التورط في كمائن واحساسهم بوجود مراقبة جادّة، وخوفهم من اعترافات سيحدّ كثيرا من هذه الظاهرة ويصعّب ممارستها.
لماذا يجب ان يظهر النواب المؤيدون للحكومة دائما أكثر عجزا؟ ففي المجلس السابق كان يعدّ بأقلّ من اصابع اليدّ الواحدة من لديهم القدرة على مقارعة ومحاججة نواب الإخوان بطريقة قويّة ومقنعة. وكم كان صعبا العثور على عدد كاف ممن لديهم الثقافة والمعرفة والاطلاع على شؤون العالم وحقائق العصر والمصالح والاعتبارات المحركة لأداء الدول والحكومات لتحقيق تمثيل معقول الى جانب الحكومة.
نحتاج باختصار الى عدد معقول، ولنقل ربع المجلس مثلا، من نوعيات ذات مستوى مهني ودرجة من التسييس تقود اداء محترما داخليا و"تبيّض الوجه" خارجيا.
jamil.nimri@alghad.jo