في الطريق إلى الملك، ينتابك شعور من المهابة، التي يتداخل فيها الحب والوفاء والشوق، وتتداخل الأفكار في ذهنك، من أين وكيف تبدأ مع جلالته. شعور ينتابه نوع من التوتر، ولكن الاستقبال الحنون من الملك والمهابة المتواضعة، والابتسامة الصافية، تُذهب عنك كل التداخلات، فينطلق لسانك، ويصفو ذهنك، حين يتحدث جلالته بالصراحة المطلقة، والثقة الكبيرة في المستقبل، ويشعرك أنك كمواطن، قبل كل شيء، شريك في بناء المستقبل المنشود.
أمس، في لقائنا أنا وأخي الدكتور أمين المشاقبة ، رئيس مجلس إدارة «الدستور»، كنا في معية الملك، حيث كان يتحدث جلالته، بوضوح رؤية كبير، محدداً الأهداف الوطنية، التي يريدها لشعبه، ليضمن له مستقبلاً مشرقاً. وعندما يتحدث جلالته عن الإصلاح، تجده وقد قرر دون رجعة، المضي بهذا الطريق، وهو الذي عمل على هذا الهدف، منذ أن تسلم سلطاته الدستورية، وسبق الجميع داخل الوطن وخارجه، في السير على هذا الطريق، فالربيع العربي في الأردن، له وجه آخر مشرق، تتلاحم فيه القيادة مع الشعب، نحو هدف واحد.. المصلحة العليا للوطن والناس، في الحاضر والمستقبل.
من الواضح، أن معالم البرنامج الإصلاحي وأطره في البلاد، محددة وملموسة، في ذهن جلالة الملك، وقد أكد على ذلك، في أكثر من مناسبة، كان آخرها أمس، في لقائه مع «الدستور»، وخطابه الاسبوع الماضي، في جمعية الشؤون الدولية، حيث تحدث جلالته، عن محددات البرنامج الإصلاحي هذا العام، وعلى رأسها انتخابات نيابية نزيهة وشفافة، ضمن قانون، يضمن أعلى درجات التمثيل، لكافة شرائح المجتمع الأردني.
إن إجراء انتخابات نيابية بالمواصفات التي حددها جلالة الملك، سيكون القاعدة الصلبة والقوية، للانطلاق نحو المستقبل المنشود للبلاد، ضمن حياة تشريعية متينة، تضمن مسيرة ديمقراطية كاملة، وتنفِّس الاحتقانات في الشارع، وتجعل الأردن، يدخل مرحلة جديدة، من البناء الوطني، عبر مشاركة الجميع، وهذا يتطلب جهداً، من كافة فئات الأردنيين، مفكرين وسياسيين، نوابا وغير نواب، وأكاديميين، للوصول إلى هذه المرحلة المرجوة، وذلك بمساندة الخطاب الملكي في الإصلاح، واغتنام الفرصة التاريخية، للوصول بالأردن، إلى النموذج الديمقراطي المنشود، من خلال توزيع المسؤوليات والأدوار، لتمهيد الطريق أمام البرنامج الإصلاحي، حتى يصل إلى هدفه، الذي يصبو إليه جميع الأردنيين.
إن كافة شرائح المجتمع الأردني، يجب أن تكون شريكة، في هذه العملية الوطنية الكبرى، وهنا، لا بد من التأكيد، على الإشارة الملكية، الى ضرورة إطلاق الحوار، الذي يرسِّخ الثقافة الحزبية ويجدد العمل السياسي، على أسس الحداثة والبرامجية، لتهيئة الساحة، للوصول إلى حكومات حزبية منتخبة، والحوار هنا، يجب أن يكون منطلقاً، من مصلحة وطنية شاملة، والنظر إلى الأمور، من منظار وطني واسع، وإفساح المجال أمام الجميع، لإبداء آرائهم، من منطلق، أن هذه الآراء، تخاطب المصالح الوطنية، وتصبو إلى الصالح العام، لجميع أبناء الوطن.
والإعلام في كل هذا، يشكل الرافعة الحقيقية للمشروع الوطني، بكل جوانبه، حيث مطلوب منا كصحفيين وإعلاميين، أن نمارس دورنا الوطني، بروح المسؤولية العالية، بعيداً عن الشخصنة والمصالح الضيقة، نؤشر على الخطأ، من منظور المصلحة الوطنية، ولكن علينا أن نعظّم الإيجابيات أيضا، ومن واجبنا أن نخاطب بأدائنا، الرؤية الملكية لدور الإعلام في المسيرة الوطنية، بأجواء نظيفة، وبحرية مسؤولة، وأن نعمل على أن تشكّل الرسالة الإعلامية، الداعم الحقيقي لكل ما فيه صالح الوطن.
أمس، كانت «الدستور» في حضرة جلالة الملك عبدالله الثاني، وقد شكلت لنا هذه اللفتة الملكية الغالية، دفعة قوية، لنستمر بأداء دورنا الوطني، دون تردد، معاهدين الله تعالى ثم الملك والوطن، أن لا نبحث، إلا عن الحقيقة، وأن لا يكون نصب أعيننا، إلا الصالح العام، والمصالح العليا للوطن، التي يسعى جلالة الملك، لتحقيقها وصونها.
الدستور