فشلت مفاوضات الجانبين الفلسطيني-الاسرائيلي الاستكشافية في عمان ولم تستطع ان تتحول الى مفاوضات جادة ببرنامج محدد يجيب على القضايا المطروحة.. فلقد استخفت اسرائيل كثيراً بهذه المفاوضات ومضمونها واضاعت فرصة هامة بذل الاردن فيها جهوداً كبيرة لتوفير بيئة مناسبة لانعقاد المفاوضات وسط دفع أردني مخلص وواضح بهذا الاتجاه.. واستطاع وزير الخارجية ان يقدم الكثير ولكن اسرائيل التي ما زالت تمارس العبث وتدير الظهر للمطالب الفلسطينية المشروعة راحت تتحدث عن ترتيبات أمنية تريد أن تقوم السلطة بها لخدمة اهدافها وتوظيف دور السلطة في هذا الاطار وهو ما فضحه كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات حين اعترض على حضور ضابط عسكري اسرائيلي الى قائمة التفاوض يحمل هذه المهمة المقحمة على جدول الأعمال وعلى السياق برمته وقد أبدى عريقات احتجاجه وطالب بعدم السماح لهذا الضابط بالحضور وهذا ما ذكرته احدى الصحف الاسرائيلية..
الرئيس عباس الذي استمع الى الملك عبدالله الثاني عن الزيارة التي قام بها الملك الى واشنطن وضع الملك في صورة نتائج المفاوضات الاستكشافية وحجم العقبات التي تضعها اسرائيل في وجه هذه المفاوضات مما يمنعها للانتقال الى مفاوضات تبحث في القضايا الاساسية المتعلقة بالحل النهائي..وقد أورد الرئيس عباس حيثيات محددة تمارسها اسرائيل على الارض باستيطانها وتوسيعه وبما تقوم به في القدس من سياساتها في التهويد والأسرلة وايضاً اعتقال قيادات فلسطينية وتوقيفها دون أي مبررات واستمرار ممارسة سياسة التهديد لها..
ما زالت الحلقة مفرغة والمطلوب الخروج من هذه الحلقة الى بدائل مقنعة والى موقف يستطيع الشعب الفلسطيني فيه من اعادة انتاج موقف فلسطيني اقوى وأكثر قدرة على مواجهة التحديات الكبيرة سواء في أسلوب اسرائيل التفاوضي أو مواصلة فضحها أمام الرأي العام الدولي الذي بدأ يضجر من الموقف الاسرائيلي اذ تقوم الان تحولات في موقف الاتحاد الاوروبي وخاصة في دول فرنسا والمانيا وبريطانيا..
اسرائيل تراهن على الموقف الاميركي الذي يعمل بصورة سافرة وغير مسبوقة لكسب رضاها عشية الانتخابات الاميركية القادمة لان في ذلك كسب لرضى اصوات اليهود والصهيونيين والمجموعات المتعصبة لصالح اسرائيل وهذا ما يجعل الموقف الاميركي فاقداً للفاعلية ازاء الضغط على اسرائيل او اجبارها على مفاوضات جادة..
بالمقابل يستطيع الفلسطينيون الان وبسرعة أن ينصرفوا الى اعادة بناء الصف الفلسطيني في انجاز مصالحة حقيقية وجعلها تثمر وفي الاستفادة مما يلعبه الدور الاردني في تقريب هذه الفرصة وبما يدفع المصالحة لانجاز اهدافها والانتقال بالوضع الفلسطيني الى وضع افضل لجهة اعادة بناء المؤسسات الفلسطينية في اطار منظمة التحرير الفلسطينية وفي اطار وحدة الهدف ايضاً اذا ما قامت وحدة الصف على اسس مؤسسية مدروسة ومستوعبة لحجم التحديات وضرورة التعاطي مع المواقف العالمية من القضية الفلسطينية لجهة توظيفها..
لا يجوز ان يفضي فشل المفاوضات الى اليأس من امكانية اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس فهذا يتحقق ايضاً بصمود الشعب الفلسطيني ووحدة كفاحه واصراره على نيل حقوقه واجتراح كل الوسائل الكفيلة بانجاز ذلك وهي وسائل عديدة يقبلها العالم وتقرها قرارات الشرعية الدولية..فالكفاح الشعبي بمختلف أشكاله قادر على أن يعيد التوازن للحالة الفلسطينية واجبار اسرائيل على عدم القدرة على تجاوزها..أمام الفلسطينيين خيارات عدة عليهم ان يتوافقوا على بعضها مما يمكنهم من الخروج من حلقة العبث التي وضعتهم فيها اسرائيل وكذلك حلقة الانقسام التي رهنتهم الوعود الاسرائيلية والاميركية الفارغة فيها فتعطلت وحدتهم واختلطت اولوياتهم ..
ما بعد لقاءات عمان وحتى في أجوائها التصالحية الحريصة يمكن للفلسطينيين أن يبنوا رؤية جديدة واحدة أكثر قدرة على ابصار المسافة القادمة..
alhattabsultan@gmail.com
الرأي