الشقران يكشف خبايا التحقيق في «الفوسفات»!
حسين الرواشدة
08-02-2012 02:37 AM
يستحق رئيس واعضاء لجنة التحقيق النيابي في قضية “خصخصة الفوسفات” كل الاحترام والتقدير، فقد خرجوا امس عن “صمتهم” ولوحوا بتقديم استقالاتهم من مجلس النواب اذا ما استمرت الضغوط التي تعرضوا لها لطيّ ملف التحقيق وتبرئة المتهمين فيه.. أو تسجيل القضية ضد مجهول.
ما حدث في “خصخصة” الفوسفات كان فضيحة بامتياز، وما حدث بعد أن فتح ملف التحقيق كان اكبر من فضيحة، فحسب ما توصلت اليه لجنة التحقيق تبين ان الحكومة الاردنية باعت نحو (37%) من أسهم الشركة بنصف قيمتها السوقية آنذاك لشركة “كامل هوليدنغ لميتد”، وحين تم الاستقصاء عن هذه الشركة تبين أنها شركة “وهمية”، كما اشارت التحقيقات ايضاً الى ان (7) من وزراء الحكومة التي نفذت عملية الخصخصة كانوا اعضاء في لجنة التخاصية آنذاك، والأدهى من ذلك ان عملية البيع كانت مخالفة دستورية واضحة للمادة (117) من الدستور التي تنص على ان “كل امتياز يُعطى لمنح أي حق يتعلق باستثمار المناجم او المعادن او المرافق العامة يجب ان يصدق عليه القانون”.
المبلغ الذي قبضته الحكومة الاردنية من “الصفقة” كان مقداره (88) مليون دينار فقط، والارباح التي حققتها الشركة في العامين 2008/2009 بلغت (558) مليون دينار والاغرب من ذلك ان الحكومة استبقت “البيع” باصدار قرار يقضي بتخفيض رسوم التعدين من (5) دنانير الى دينار ونصف الدينار، كما ضمنت في الاتفاقية بنداً يعطي “الشركة” حقوق التعدين في اربعة مناجم في المملكة علماً بأن الاحتياطي لكافة المناجم قدّر حتى عام 2008 بما يعادل (40) مليار دينار، وهو مبلغ يعادل سبعة اضعاف قيمة الموازنة الاردنية الحالية.
بعد التحقيق ثمة اسرار اخرى “مدهشة” حول الصفقة جرى تسريبها منها ان الوزير الذي وقع على الاتفاقية وكذلك الشهود قد فوجئوا بالمعلومات التي سمعوها، ومنها ان “الشركة” التي احيل عليها عطاء البيع (وهي شركة وهمية) لم تدخل في عملية التنافس رغم ان نحو (15) شركة اخرى تقدمت بطلبات للشراء لكنها اهملت جميعاً.
ومن الاسرار ايضاً ان أحد اعضاء اللجنة النيابية انسحب منها بعدما تبين انه يعمل “مستشاراً” في الشركة، ومنها ان الشركة عرضت على عدد من النواب استعدادها لتوظيف “افراد” من دوائرهم الانتخابية لكن بشرط ان تُقدم الاسماء المرشحة للتوظيف بتوقيع من “النائب”، وقد حصل ذلك إذْ خصص لكل نائب (10) وظائف ومنحتان دراسيتان.
ما جرى في “الفوسفات” ابتداء من الخصخصة الى التحقيق وما بينهما، يختصر لنا الاجابة عن سؤالين: احدهما يتعلق بحقيقة موقفنا من الإصلاح وارداتنا في تحقيقه وبمآلاته ايضاً، وهي حقيقة ما زالت محاطة بالشكوك والمخاوف، والآخر يتعلق “بمكافحة” الفساد وفتح ملفاته، سواء في البرلمان ام في الهيئة، واعتقد ان ما ذكره النائب الشقران عن ضغوط يتعرض لها من مختلف المستويات لطي الملف يكشف بوضوح مدى رغبة “البعض” في الاستهتار بمطالب الناس، والهائهم بفتح الملفات فقط.. أما المساءلة والمحاكمة واسترجاع الاموال المنهوبة.. فهذه ليست في الوارد الآن، إما لأن هذه الملفات ملغومة.. أو لأن قوى “الفساد” اكبر من أن توضع في “القفص”.. وكان الله في العون.
الدستور