بين القابضين على جمر الكلمة لحماية شرفها, والدفاع عن حريتها في إبراز الحقيقة, والقابضين المال لتلويثها والعبث بعذريتها, والمنافقين لمن يدفع أكثر من بائعي المبادئ والقيم, بون شاسع لايمكن تقديره بغير المسافات الضوئية, لكنه واضح عند طرفي المعادلة من الدافعين والقابضين في آن معاً, وفي يقيني أن من احترفوا الدفع يعرفون جيداً لمن يتجهون, وبأي وسيلة يمكن شراؤهم, إذ ليس الدفع نقداً هو الوسيلة المباشرة, فثمة وسائل أخرى عديدة يلجأون إليها للتعمية وإخفاء الأهداف, وقد يكون ذلك على شكل وظيفة تنفيعية لايقوم فيها المنتفع منها بأي جهد, وليس لها في الأصل ضرورة بقدر ما تكون عبئاً زائداً على الموقع الذي حشرت فيه.
بين الشرفاء وغيرهم تندلع حرب تتميز بالضرب تحت الحزام, ويلجأ الطرف الثاني إلى تشويه صورة الطرف الأول بتهم جزافية, بأنه ينتمي إلى فئة قابضي المال الحرام, في محاولة لخلط الأوراق, وللدفاع عن خطاياه, ولا يملك الشريف في هذه الحالة, غير المطالبة بالوثائق التي تضعه في خانة قليلي الشرف, وهنا فإن القيمين على المهنة وهم منتخبون, مطالبون بالتدخل السريع للكشف عن حقيقة الجميع, والتأشير بكل وضوح وشفافية على الدخلاء على مهنة نتشرف بالانتماء إليها, حفاظاً على شرف المهنة وسيرة المنتمين إليها, وكشفاً لمواطن الخلل التي سمحت للفاسدين بالتسلل إليها.
حين يتنطح فاسد ومفسد من خارج الجسم الصحفي, ومن غير المنتمين لنقابة الصحفيين, للعبث بشرف العديد من أبناء النقابة, بزج أسمائهم مع أسماء المكشوفين عند الجميع من القبيضة, فإن على جهة ما أن تنبري للدفاع عن مهنة مكلفة, لايقتحمها عن وعي غير المؤمنين برسالتها النبيلة, والمستعدين لتحمل أكلاف انتمائهم إليها, في حين يتسلق جدرانها طحالب مؤذية, تسعى للتعيش على هامشها, سواء كان ذلك من خلال ابتزاز رخيص, ثمنه سيارة أو أقساط بيت تسدد للبنوك, أو من خلال منظمة ( غير ربحية ) تعيش على أموال الخارج, بغض النظر عن أهداف الدافعين, وأثر الترويج لتلك الأهداف, وإن كان شديد السلبية والخطورة على البلد, أو من خلال موقع الكتروني قليل التكلفة متخصص في الابتزاز والتشويه.
الضجة التي أثارتها قائمة القبيضة, وما زالت تتوالى فصولاً, تستحق من الجهات كافة التوقف عندها, ومن الواضح أنها استهدفت خلط الأوراق للتغطية على مفاسد, ربما هي أكبر كثيراً من قبض صحفي مبلغاً من المال, لقاء مديح شخص في موقع المسؤولية, أو الهجوم بغير وجه حق على شخصية تشغل موقعاً سياسياً, لصالح من دفع, بغض النظر عن وسيلة الدفع والمبلغ المدفوع, والمؤكد أن الجسم الصحفي بمجمله قد تضرر منها, إذ بات الشك أساساً للتعامل مع المنتمين لهذه المهنة, ولن يكون مجدياً اعتذار يتقدم به دخيل على المهنة, لكنه يعرف من أين تؤكل الكتف, ويحظى بدعم مسؤولين هبطوا على المهنة بمظلات ركبوها بأوامرمن هم أقل منهم دراية بهذه الساحة التي تجمع الصالح والطالح لمجرد أنهم اقترفوا يوماً مقالاً أرضى المسؤول الأكبر فأركبهم على أكتافنا, ولكن ولأنه لا يصح إلا الصحيح فان ذلك لن يستمر طويلاً.