قبل عدة عقود أقامت الكاتبة اعتماد خورشيد الدنيا ولم تقعدها حينما نشرت كتابها الذي يتضمن ذكرياتها حول تصرفات أحد مسؤولي الدولة المصرية في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بعد ان وزعت فيه الاتهامات عن جنب وطرف للفنانات المصريات.
خورشيد القت حجرا في بركة ساكنة، وبدأت تتوزع دوائر الماء فيها حتى أصابت اوصال كل المجتمع الفني المصري، لانها عمدت ومنذ بداية كتابها الشهير وحتى نهايته الى ذكر الحروف الاولى من اسماء الفنانات اللواتي ارتبطن بعلاقات مع هذا المسؤول
نستحضر هذه الحكاية ونحن نتفيأ ظلال اجواء مماثلة فجرتها قائمة الصحفيين “القبيضة”الذين اصابتهم اموال من مسؤول سابق بهدف استمالتهم وراء مواقف سياسية معينة .
الا ان ما يستدعي التوقف عند هذه القائمة التي روجت لها عدة مواقع الكترونية هو عدم وجود اي مصدر رسمي يؤكد انها مثار بحث وتداول داخل اوساط القرار ،والاغرب من ذلك انه لم يصدر اي نفي رسمي للموضوع.
وبجميع الاحوال فانه لا يمكن اخذ هذه القائمة على محمل الجد بسسب تنافيها مع الضوابط الامنية التي تعتمد السرية والكتمان في كل تفاصيلها ،وهذه التفاصيل ليست عرضه للاجتهاد او نهبا للتنبوء والتكهن من قبل البعض ما لم يتم اعلانها بشكل رسمي حتى في اعرق الديموقراطيات في العالم.
فلم يسبق الاجهزة الدولة ان كشفت عن صلاتها باي من مصادرها سوى مرة واحدة حينما مثل احد مسؤوليها في محكمة امن الدولة ،واكد تلقي احد العاملين في الصحافة مكافاة شهرية ،وذلك في سياق الحرص على احترام الحقيقة في حضرة القضاء اكثر من كونه رغبة في خلط الاوراق وبعثرتها .
ذلك ان التحفظ على نشر الاسماء المزعومة يلقي بظلال من الشبهات حول الاهداف التي تقف وراء عدم اعلانها بشكل صريح للراي العام ،الا اذا كانت الغاية هي التضليل بحد ذاته و تدمير الاعلام على مذبح الشائعات والاتهامات وحرق الاخضر واليابس في بيدر الاعلام .
فهذا الاعلام “ على علاته “ كان شريكا اساسيا في التنمية السياسية وتوسيع نطاق المشاركة ومساهما فاعلا في التخطيط السياسي ومضاعفة مصادر المعرفة والمساهمة الفاعلة في انجاز معادلة الاندماج الوطني .
وقد خاض هذا الاعلام كل معارك الوطن في كل المفاصل ،والمفترقات التاريخية مما يستوجب الحفاظ على سمعته وصون كرامة العاملين فيه، والتوقف عن التعريض باخلاقياتهم ومهنيتهم .
لقد مثل الاعلام بكل اشكاله خلال السنوات الماضية احد اهم روافع التغيير والتحريك في المجتمع الاردني، واحتل دورا ومكانة مميزة في لعبة التغيير واستطاع تبوأ مراكز ريادية تؤهله للدخول للمنافسة في عالم مدجج بالامكانات .
ونحن نستذكر لوصفي التل انه دفع جمال عبد الناصر الى الطلب من المغفور له الملك الحسين ان يكفيه انتقادات الاذاعة الاردنية فاننا نسجل قصة نجاح للاعلام الوطني في حمل رسالة الاردن والدفاع عن مصالحه .
واذا كانت هنالك بعض الاعشاب الطفيلية التي نمت حول الاشجار الشامخة فاننا نعرف جيدا انها ستتحول الى هشيم مع اول موجة للحر، وسيبقى الاعلام الاردني حائط الصد عن الوطن ورجالاته فكيف لنا ان نضحي بهذا السلاح من خلال تشويه اصحابه ونزع الثقة منهم وتصويرهم على انهم مجموعة من المرتشين و”القبيضة “
ربما يكون هنالك من انتفع من المعارك الشخصية لبعض السياسيين، وهي قضية مهنية واخلاقية لها اطرها وقنواتها التي يمكن ان تحل من خلالها ،ولكن لا يجوز ان تبقى القضية التي جرى تفجيرها مؤخرا في حضن الوسط الصحفي اسيرة للتكهنات واللبس لانها ربما تصيب عشرات الابرياء ،الذين عرف عهنم الالتزام والمهنية ولم يعتور تاريخهم المهني والصحفي اي شائبة.
خلال مطالعتي للقائمة المنشورة فان الاحرف المنشورة على طريقة خورشيد بعضها يحتمل التأويل لتطابقها مع اكثر من اسم من الزملاء العاملين في الوسط الصحفي ولكن ما اثار انتباهي هو ذكر ( ب،س) من بين هذه الاسماء.
ونتيجة لاستعراض طويل وعريض فان هذا الاسم لا ينطبق الا على اسم الزميل” باسم سكجها” وهو بالفعل ما استنتجه العديد من قراء القائمة .
الا ان معرفتي التفصيلية بباسم الذي تشكل العفة مفتاح شخصيته وبحكم معايشتي لكل المفاصل المهنية بشكل عام واطلالتي على على قصة “اللويبدة” التي تزامنت مع المرحلة التي اشارت اليها القائمة اكدت لي بما لا يدع مكانا للشك ان هذه القائمة مفبركة وعلى مقياس غاياتها غير البريئة .
و لست هنا في معرض الدفاع عن سكجها فقلمه امضى من حد السيف ومواقفه معروفة لكل اصدقائه ولكنها اشارة الى حجم الخفة التي تكتنف هذه القائمة وتهافت غاياتها .
هنالك تداخل كبير في الالوان السياسية لمن تعرضت لهم القائمة اضافة الى ان الكثير من الاسماء تطابقت احرفها مع اناس كانوا الى جانب الخصومة مع كل تلك المرحلة .
قد يكون الترويج لمثل هذه القوائم اسهل طريقة لذبح الاعلام الاردني اذا كان هذا هو القصد اما اذا اردنا اصلاح الاعلام فتلك قصة اخرى لايمكن ان تكون “احجيات خورشيد” احد فصولها.
الدستور