«الفيتو» .. بين سوريا وفلسطين وفضائح النظام الدولي
محمد حسن التل
06-02-2012 03:53 AM
ندرك أن الشعب السوري، يتعرض لمذبحة بشعة، وأن الدم يكاد يُغرق الشام، نتيجة تعنت النظام هناك، وعدم استجابته لمطالب شعبه، في الإصلاح والديمقراطية، وندرك أيضاً، أن الشعب العربي السوري، بات ضحية الحسابات والمصالح الدولية، لكن ما حدث أمس الأول، في مجلس الأمن، وما صدر من ردود فعل، على الفيتو الروسي والصيني، ضد مشروع القرار، الذي يدين العنف في سوريا، يدعو ليس فقط للعجب، ولكنه يدعو أيضاً للاشمئزاز، ويؤشر على مدى النفاق الدولي، وأن العدل أصبح مفقوداً في العالم، ففي الوقت الذي قامت الدنيا ولم تقعد، على الفيتو الروسي والصيني، في عواصم الغرب، نستذكر عشرات القرارات الدولية، التي أجهضها الفيتو الأميركي، لصالح إسرائيل، وضد حقوق الشعب الفلسطيني، ومنع المجتمع الدولي، من الوقوف بوجه الإرهاب الصهيوني، الذي يمارس على أرض فلسطين، منذ ما يقارب قرنا من الزمان، من قتل وتشريد وعدم اعتراف، حتى بوجود الفلسطينيين، كشعب له حقوقه، كباقي شعوب الأرض.
إن دموع التماسيح، التي أريقت في عواصم الغرب، على الفيتو الروسي والصيني، تكشف علناً، انحياز هذا الغرب الفاضح، ضد حقوق الشعوب المنكوبة، وأن هذا الغرب، لا يعنيه إلا مصالحه. أين كان ضمير أميركا وبريطانيا وفرنسا، من الحرب المدمرة على غزة؟، وأين كانوا من مئات المجازر، التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني، أمام نظرهم وسمعهم، ألم تقف هذه الدول في مجلس الأمن، لتدافع عن إسرائيل، وتعلن أن من حقها، أن تدافع عن نفسها بشتى الوسائل، أمام (إرهاب أطفال فلسطين)؟!، أين هم اليوم من حصار غزة، وتجويع أطفالها ونسائها وشيوخها، الذي تمارسه إسرائيل بحجة الدفاع عن النفس؟!.
كما قلنا في البداية، الجميع يدرك أن من حق الشعب السوري، أن يطلب الحرية والعدالة، ولكن ليس من باب الانحياز والنفاق الاميركي، وندرك أيضاً، أن روسيا والصين، لم تستخدما حق الفيتو، من أجل عيون الشعب السوري، بل من أجل مصالحهما، ولو تغيرت هذه المصالح، لتغيرت المواقف.
ما جرى في مجلس الأمن أمس الأول، يشير بوضوح، إلى فضيحة النفاق الدولي، وانحيازه فقط لمصالحه، بعيداً عن مصالح الشعوب، وحقها في الحياة.
إن الأشقاء السوريين، عليهم اليوم أن يفرقوا بين مصلحتهم الوطنية من جهة، وبين مطامع الدول الكبرى في بلادهم، وأن يعرفوا أن مبدأ «الغاية تبرر الوسيلة»، مرفوض في القضية السورية، فالوسيلة في كثير من الأحيان، تنقلب ضد مستخدمها، وهذا ما حصل في العراق وغيره من الدول، التي رأت في حنان الغرب المزعوم، طريقاً للحرية والعدالة.
الشام اليوم غريقة بدماء أبنائها، وقد باتت ساحة للصراعات والمطامع الدولية، لذا بات من الواجب، بل ومن الفريضة، أن يلتقي أبناؤها بنصف الطريق، للخروج من هذا المستنقع، الذي سيغرقهم جميعاً، إن ظلوا مصرين على الحوار بالدم والسلاح.
الدول الغربية، تعلم تماماً، أن النظام في سوريا، لن يسلم بسهولة، حتى لو ظل الدم السوري ينزف لسنوات، وحتى لو دمرت مدن الشام بالكامل، على رؤوس أبنائها، وهذا الأمر حقيقة، لا يعني الغرب من قريب أو بعيد، والسنون أثبتت، أن الدم العربي رخيص عليه، وهنا تبرز ضرورة الدور العربي في القضية، حيث يجب على العرب، أن يلعبوا دور الشقيق، في الصلح بين الأطراف في سوريا، بعيداً عن الخندقة والتحيز، لطرف على حساب الآخر، من منطلق ديني وقومي، لأن ما يحدث في سوريا، آجلاً أم عاجلاً، سيلقي بظلاله على كل العرب، بطريقة أو بأخرى، وعلى النظام في سوريا، أن يوقف شلال الدم هناك، وأن ينزل عن الشجرة، ويعلم أن الأمور عند الشعب السوري، لن تعود إلى الوراء، وأنه من المستحيل، بعد المجازر التي ارتكبت بحقه، أن يقدم أي تنازلات لهذا النظام، الذي اتضح خلال الشهور الماضية، أنه على استعداد لأن يضحي بآخر نقطة دم سورية، في سبيل الحفاظ على وجوده.
إن الرهان على الحل الغربي، في الموضوع السوري رهان خاسر، لأن الغرب لا تعنيه الدماء السورية، وأن دموع التماسيح، التي تذرف في مجلس الأمن، لا يعني أصحابها إلا الغنيمة، بعد أن تضع الحرب أوزارها في سوريا، وكذلك أمن إسرائيل ومصالحها، الحاضرة دوماً، في الذهن الغربي.
الدستور