في الأنباء أن الحركة الإسلامية في الأردن رفعت الحظر عن الاتصال والحوار مع بريطانيا والولايات المتحدة بعد أن قطعت الحركة اتصالاتها مع الدولتين على أثر احتلال العراق في عام 2003. والتصريحات المنسوبة لعدد من قادة الحركة الإسلامية بهذا السياق وفرت ذخيرة لخصوم الحركة للنيل منها على اعتبار أنها تنقلب على ثابت مقدس لا يجوز المساس به وكأن الدليل الوحيد على وطنية الحركة يكمن في الاستمرار في مقاطعة الأميركان!
وعلى نحو لافت، راجت فرضية أن القوى الإسلامية هي من سيسطر على الحكم في عدد من البلدان العربية، وهي فرضية دفعت الحركات الإسلامية لاعادة النظر في كثير من المواقف اللفظية المجانية لصالح تطوير خطاب سياسي واقعي يجعل من الإسلاميين طرفا مقبولا في قادم الأيام. ولهذا السبب لمسنا التغير في موقف الإسلاميين في مصر بخصوص المعاهدة مع إسرائيل وسمعنا تصريحات الغنوشي في واشنطن وتطمينة للغرب.
وفي السياق، قرأت تصريح نسب للإسلامي زكي بن ارشيد يقول فيه أنه لا يمكن تجاهل أميركا، وفي ذلك ربما تبرير لما تنوي الحركة الإسلامية القيام به من حوارات جديدة مع الولايات المتحدة، غير أن تصريحه صحيح، فلا يمكن تجاهل أن واشنطن هي لاعب مهم في سياسة الشرق أوسط ولا يمكن لأي فصيل سياسي حقيقي يريد أن يلعب دورا بارزا دون أن يأخذ واشنطن بالحسبان.
وموقف بن ارشيد ليس بجديد، لكن الإعلان عنه مرتبط بالتغيرات التي عصفت بالإقليم. فالحركة الإسلامية لم تنقطع عن الحوار مع الولايات المتحدة ابتداء، وكان هناك حوارات غير مباشرة في الفترة التي سبقت الربيع العربي بين الإسلاميين والأميركان عن طريق معهد كارنيغي- الذي يعد الذراع الفكري لوزارة الخارجية الأميركية- حيث زار أهم باحثيه نيثان براون ومارينا أوتاوا وعمر حمزاوي الأردن مرات عديدة واجروا حوارات موثقة مع أبرز قادة الحركة الإسلامية ليس في الأردن فحسب بل وفي أكثر من بلد عربي.
البراغماتية التي تظهرها الحركة الإسلامية في اطار استعدادها لأن تلعب دورا كبيرا في السياسة الأردنية هي ميزة تحسب لها لا عليها، ويبدو لي أن الحركة تعرف ما تريد وهي تبدل وتغير في الأساليب كأي تنظيم سياسي ناضج في حين ما زالت القوى الأخرى السياسية الأخرى غير قادرة على صياغة موقف موحد وجلهم لا يعرف ما يريد.
الرأي