يذهب بعض الوزراء والاعيان والنواب الى دائرة حكومية لملء عدد من الاوراق التي تتناول الاسم ومكان الولادة والوضع الاجتماعي والمؤهل العلمي والعملي والخبرات في القطاعين العام والخاص وتاريخ الميلاد.
ويملأ الذوات المحترمون هذه الاوراق اما في مكاتبهم او في بيوتهم او في اي مكان يرغبونه ثم يرسلونها في مغلفات أنيقة الى تلك الدائرة وبعدها تنتهي المهمة وينتهي الدور تماما.
"طيب.. وبعدين؟" لكن الاجابة تبقى معلقة الى ما لا نهاية لان مجرد ملء الورق تكون نهاية كل شيء والدليل على ذلك انه لم تتم مساءلة اي شخصية عامة من تلك الشخصيات التي ملأت الاوراق اولم تملأها كيف حصلت على هذا السيف الجميل؟ ومن اين حصلت عليه؟ وهلا جلست في دارك او دار أبيك حتى يأتيك من يهديك هذا السيف؟ فأنت أُهديته لانك على رأس عملك ولان صاحب الحاجة يريد ان يقدم لك نوعا من انواع الامتنان على تسهيلاتك التي قدمتها له فلم يجد أنسب من السيف فاهداك اياه وهو يعرف قيمته وانت غير معني بما عناه هو، بل انه اولا وآخرا بالنسبة لك هو سيف وقد يكون مذهبا اومزركشا اوحتى حادا او ليس حادا.
وماذا يمكن ان تقوم به تلك الدائرة الحكومية بعد ان تستكمل النظر في الاوراق وتدقيقها هل ستراقب المسؤول وملاءته المادية والتغييرات التي طرأت عليه منذ استلامه لمنصبه الجديد الى ان غادر الموقع ؟ وكم هو عدد هؤلاء الاشخاص الذين تمت مساءلتهم من الدائرة وعلى اي خلفية بعد ان اصبح عمرها شيئا وعقدا من السنين فماذا هي فاعلة بعدها؟.
المسؤول الجديد اوالقديم يتلذذ في الجوانب المعنوية للمنصب فهناك مواطنون كثر يقتربون منه "ويتملسون" من جاكيته اوبدلته اوحتى من سيارته مجرد كونه مسؤولا بغض النظر عن مكانته فان كثيرا من المسؤولين الصغار انفع للناس من الكبار الذين لا يحبون ان يقترب اصحاب الحاجات منهم فيقتربون من الصغير الذي يريد شعبية في انتظار ان يصفق له الناس فيلفت نظر المسؤول الاعلى فيضعه نصب عينيه ليكون مسؤولا اعلى في المستقبل.
هناك الكثيرون الذين زادت اموالهم وارتفعت ارصدتهم النقدية وممتلكاتهم المنقولة وغير المنقولة اثناء وجودهم في مواقعهم الرسمية ولكن لم نرَ احدا يُساءل اوتتم ملاحقته لا اجتماعيا ولا قضائيا من اين اكتسبت هذا المال؟ ومن اين حصلت على ما انت فيه؟.
بعض المسؤولين لا يتورعون في الحصول على المكتسبات مهما كانت لانهم يعتبرون وجودهم "جمعة مشمشية" لا اكثر وهم يعرفون انهم قد لا يعودون الى المنصب مرة اخرى بعد المطاردات الشعبية لهم ولسمعتهم وفي النهاية يحققون ما يرغبون وما تصل اليه ايديهم وما ان يغادروا الموقع لا يعودون آسفين على شيء.
ومسؤولون آخرون يعتبرون وجودهم مكسبا للموقع والمنصب وليس لهم وبالتالي فهم لن يتورعوا عن امتصاص كل انواع النفع العام والخاص وهم لا يفرقون بين ما هوعام وخاص.
ومسؤولون يجدونها فرصة لهم ولاقاربهم ان يحققوا اقصى ما يستطيعون بلا رادع حتى وهم يعرفون ان المؤسسات التي يرأسونها لا تتحمل ما يقومون به الا انهم غير معنيين في ذلك فهم تعبوا كثيرا حتى وصلوا الى الموقع ولا بد لهم ان ينالوا قسطا وافرا من النفع العائلي فتفتح لهم الابواب ويعملون كل شيء لتحقيق المراد.
كل يعمل من أجل نفسه واهله وقليلون يعملون من أجل الشأن العام وشتان بين الاثنين.
(الدستور)