هذا الكلام الذي قاله الدكتور عبد الرزاق بني هاني على فضائية الجوسات، مساء يوم الأحد الموافق 29/1/ 2012 ( يدمي القلب ويجرح الشعور، أصابنا بالذهول، أعادنا الى خيبة الأمل) كيف يحدث هذا في بلدنا، وطنِ كل الأردنين، بلدِ العناية والرعاية والاهتمام، نتساءل بألم وحزن، كيف تم هذا في طول هذا الزمن، هل نحن لاهون؟ هل في غفلة من الزمن؟ هل كان الخوف آنذاك من تسلط المسؤولين؟ هل كنا نعلم وخفضنا الرؤوس؟!! مئات وألوف من الهلهلات متبوعة بعلامات الاستفهام والتعجب.
قبل كشفه عن الفاسدين، تلك القصة الإنسانية التي أوردها في سياق الحديث ( إنسان وكلب وحمار يشربون من إناء واحد) ونحن في القرن الحادي والعشرين، ماحسبناه يحصل في القرون الأولى من تكون الحياة البشرية، فمن المسؤول عن هذا ؟؟!! الكل مسؤول ولا يستثنى أحد، ونحن جميعا أمام الله مسؤولون، كل بمقدار دوره، قطاع عام وقطاع خاص، تكافل وتضامن، وتشتد المساءلة والتجريم على مؤسسات الدولة الرسمية، وبجرد حسابي لكل من تولى المسؤولية منذ سنين خلت وحتى إصلاح ما ذكر وأمثاله كثير.
القصة الأخرى المتعلقة بالتدريس والتعليم، تلاميذ بعمر الورود ، يقبعون تحت ألواح من الزينكو في حر الصيف ولهيبه، وتحت قسوة الشتاء وبرده، ومعلم وافد (عراقي) يبحث عن لقمة عيش، تكفل له الحياة ، ومعلم آخر وقعت عليه عقوبة الإبعاد( التأديب) فما عساهما منتجين ؟؟!! فهل وزارة التربية والعليم تستحق وسام البراءة من هذا الفعل المشين، أو نمنحها وسام الشجاعة على قرار الإبعاد والتأديب؟ أو نمنحها وسام المثابرة وتقصي الواجبات؟ حيرة في الإجابة، نعم، أمام هذا الذهول فقد اختفت عنا الكلمات المعبرة، لأن هاتين الحالتين وغيرهما الكثير لا يمكن وصفهما والتعبير عنهما لهول سماعهما.
فاسدون كثر أشار لهم الدكتور بني هاني، جزاه الله الخير نيابة عن كل أردني، همه الوطن، في عمان عاصمتنا الحبيبة، ثلاثة لا يشربون الماء في كأس مذهبة واحدة، ولا يتبادلون ملعقة وشوكة وسكين فضية واحدة، بل لكل واحد منهم كأس مذهبة وملعقة مفضضة، أما في قرانا النائية وبوادينا العريقة فلا مانع أن يشربوا من إناء واحد وكما ذُكر سالفا !ّ!!، هؤلاء لهم الله الذي خلق، والذي يرزق الدودة العمياء تحت الصخرة الصماء، هؤلاء الغلابة لا يستطيعون أن يجعلوا الرمال ذهبا لتمتلئ منها الجيوب وتنتفخ البطون.
هؤلاء الفاسدون المفسدون لغيرهم، مثلهم مثل سوس الخشب، الذي يبدأ من أسفل الساق، وينخر الشجر من الجذور، يتغذى عليها ثم يسقطها وقودا للنار ثم رمادا تذروه الرياح، ولازالوا يخدعون البسطاء من الناس الطيبين أهل الفطرة، بأنهم سيجعلون الجبال ذهبا وبترولا وصخرا زيتيا يسري ريعها في أيدي العباد!! لكنها تحولت الى ذهب مسروق اكتنزوه في بنوك، وظهرت آثاره على بيوتهم وموائدهم وسياراتهم الفارهة ورحلاتهم بالطائرات الخاصة.
لله درك يا وطن، كم أنت صابر صبور ، ولكننا نسألك يا وطن ، أين أبناؤك المخلصون، من الذكور والإناث على حد سواء، أنت يا وطن مليء بهم، هم القادرون حقا على حمايتك ، وهم الجاعلون في يوم آتٍ قريب، أن يشرب الفاسدون من إناء واحد مع(...)! لا أريد أن أقولها ، فمن حكمة الله وقدرته أن جعل للظالم يوما ، كما يذكر التاريخ، فهؤلاء الفاسدون الذين أتى على ذكرهم الدكتور بني هاني سيشربون الماء ولكن عكراً لا زلالاً، فحسبنا الله ونعم الوكيل.
حمى الله الأردن وشعبه ومليكه.
abeer.alzaben@gmail.com
(الدستور)