فتوى بمليارات الدنانير .. !
حسين الرواشدة
03-02-2012 05:13 AM
اصدر اعضاء لجنة البحوث الفقهية بالازهر(قبل اعوام) فتوى بضرورة فرض الزكاة على البترول ومشتقاته بنسبة %20 في اي دولة اسلامية ، واستند العلماء في فتاوهم الى حديث الرسول عليه السلام (في الركاز الخمس) ، وكلمة الركاز تشمل كل ما يخرج من باطن الارض ، سواء كان جامداً مثل الذهب والفضة او سائلاً مثل البترول ، واكدوا انه ليس هنالك ما يمنع من تحصيل قيمة الزكاة على البترول من الدولة باعتبارها المالك الوحيد له.
الفتوى ذاتها كانت قد صدرت عن دار الافتاء المصرية ، فيما اقترح الدكتور محمد عمارة إنشاء صندوق اسلامي لزكاة (الركاز) يشتمل على زكاة الثروات المعدنية بما فيها النفط ، بحيث تنتفع به الدول الاسلامية الاقل دخلاً من جهة ، ويجنبها من جهة اخرى الخضوع لشروط الاقراض المجحف من جانب مؤسسات النقد الدولية ، وحول ما اذا كانت هذه الفتوى ملزمة للدول الاسلامية ام لا ، اشار رئيس لجنة البحوث بالازهر الى انه لا توجد قوة دنيوية ملزمة جبراً ، ولكن الامتناع عن إخراجها اثم كبير ، والمسؤولون مطالبون - دينياً واخلاقياً - بتطبيق الحكم الشرعي ، ولو طبقت الفتوى فلن يكون لدينا في العالم الاسلامي فقير واحد (20% من عائدات البترول العربي تعادل نحو 500 مليون دولار يومياً على اقل تقدير وزكاة دول الخليج الست المصدرة للنفط تصل لـ 200 مليار دولار) الفتوى ، بالطبع ، ليست جديدة ، فقد ذكر احمد بن حنبل (ومذهبه بالمناسبة هو مذهب المملكة العربية السعودية) ان الزكاة تجب في كل ما يستخرج من الارض حتى القار والنفط والكبريت ، فيما اختلف الفقهاء حول إخراجها اذا كان الذي يملك هو الدولة ام الافراد والشركات المستقلة ، فرأى بعضهم انها واجبة على الافراد والمؤسسات اما الدولة فمالها هو مال الشعب الذي ينفق في مصالحه ، ولا معنى لفرض زكاة عليه ، وهو رأي فنده العلماء وأسقطوه.
ليس لدينا بترول (في الاردن)حتى نطالب بفرض الزكاة عليه ، ولكن لدينا ثروات معدنية يفترض ان تخرج عليها الزكاة فالفوسفات والبوتاس والاسمنت وغيرها ، باعتبارها انواعاً من (الركاز) ، ومقدار زكاتها - كما ذكر العلماء - ربع العشر (2,5%) ، ولو افترضنا ان شركة مناجم الفوسفات الاردنية التزمت بالفتوى ، لكانت زكاتها عن العام الماضي فقط (6)ملايين ومئتين وخمسين الفا ، ولنا ان نتصور لو طبق ذلك على الشركات الاخرى المشابهة ، هل يتبقى لدينا فقير واحد؟
اعرف ان الكثير من القراء الاعزاء سيمط شفتيه تعجباً مما ذكرت ، من جهة التطبيق طبعاً لمبدأ او فريضة الزكاة في بلادنا الاسلامية ، واعرف - ايضاً - ان علماء كثيرون سيردون على الفتوى من باب اختلاف الفقهاء في اقرارها ، (استناداً مثلاً الى ما قاله الحنفية او المالكية او غيرهم) ، لكنني مع ذلك كله اعتقد ان دولنا التي تعاني من مشكلة اقتصادية مفزعة مدعوة الى ابتداع كل الوسائل ، وفي مقدمتها الزكاة التي هي فريضة كالصلاة تماماً ، للدفاع عن شعوبها ضد الاحتكار والغلاء والخصخصة واكتناز الثروات ، وليس اقل من تعميم هذه الفتاوى على عالمنا الاسلامي لاحراج المسؤولين فيه ، خاصة الذين يعلنون الالتزام بتطبيق الشريعة الاسلامية والزامهم اخلاقياً بدفع الزكاة عن ثرواتهم و(ركازهم) الذي هو في الاصل حق للشعوب.. وللامة ايضاً.
ترى.. ما رأي أساتذتنا في كليات الشريعة.. ودار الافتاء والمعنيين بالموضوع؟،
الدستور