توجه صلاح الدين الأيوبي بنفسه إلى الكرك ، لتأديب أميرها الصليبي أرناط سنة 579هـ 1183 م بعد أن أفشلت قوات صلاح الدين الأيوبي غزو جيش أرناط للحجاز للاستيلاء على قبر الرسول (ص) والكعبة المشرفة ، وحاصر صلاح الدين أرناط في الكرك أربعين يوما ، اجبره خلالها على طلب النجدة من بيت المقدس باستخدام الإشارات النارية ، ولما لم تكن مع صلاح الدين أدوات الحصار اللازمة ترك الكرك ، ثم عاد إليها سنة 580هـ 1184م وشدد الحصار عليها واقتحم الكرك ، إلا أن الحصن استعصى عليه لوجود خندق حوله بعمق ستين ذراعا ، فنصب صلاح الدين الأيوبي على الكرك تسعة مجانيق ، واخذ يعمل على طم جزء من خندق الكرك حول القلعة ، فأرسل أرناط إلى الفرنج مستنجدا فاجتمعت جموع هائلة من الفرنج لنجدة أرناط في الكرك ففك صلاح الدين الحصار عنها ، ثم تقدم لحرب الفرج في نابلس وجنين وسبسطية وغنم وعاد إلى دمشق .
بعد أن عاد صلاح الدين إلى دمشق أوعز لقائده عز الدين أسامة ببناء قلعة الربض في عجلون والتي سميت قلعة صلاح الدين ، لتكون في مواجهة قلعة كوكب الهوا التي يسيطر عليها الصليبيون في فلسطين ، ولحماية طرق المواصلات في شرقي الأردن . ولما استمر أرناط في اعتراض القوافل التجارية والحجاج استنفر صلاح الدين المسلمين وحاصر الكرك والشوبك ، ولما لم يتمكن من احتلال الكرك ذهب بجموع المسلمين لمواجهة قوات الفرنج التي تجمعت قرب حطين ، فتمكن من الانتصار على قوى الصليبيين في موقعة حطين سنة 583هـ 1187م وأباد اكبر جيش صليبي حشد في الشام ، فكانت معركة حاسمة ، استعاد بعدها بيت المقدس ، وتمكن من اسر ملك القدس وعدد من قادة الفرنج منهم مقدم الداوية والاستبارية وصاحب بيروت وصاحب جبيل وصاحب تبنين ، وقد قتل أمير الكرك أرناط بيده بينما عفا عن الآخرين .
وبعد معركة حطين أمر صلاح الدين أخاه العادل للتخلص من الوجود الصليبي في الكرك وشرقي الأردن ، فأرسل الملك العادل القائد سعد الدين كمشبه الأسدي لحصار الكرك ، وقد حاولت زوجة أرناط التوسل إلى صلاح الدين بان يعفو عن ابنها هنفري بن هنفري صاحب تبنين ، فاشترط عليها أن تسلمه حصني الكرك والشوبك ، فوافقت واستقدم ابنها هنفري من دمشق وأرسله معها ، فطلبت من حامية الكرك تسليمها للمسلمين فرفضوا ، فقبل صلاح الدين عذرها ولكنه احتفظ بابنها أسيرا إلى أن يسترد الكرك والشوبك ، وقد حاصر جيش القائد سعد الدين الكرك إلى أن استسلمت المدينة سنة 584هـ 1188م واستسلمت الشوبك سنة 585هـ 1189م وكانت آخر المعاقل الصليبية في شرقي الأردن .
وفي نهاية عام 1189م نصب صلاح الدين الأيوبي أخاه الملك العادل حاكما على الكرك . فقام بتجديد الأسوار وترميم ما تهدم أثناء الحصار. وقد امتدت إمارة الملك العادل من الصلت أي مدينة السلط شمالا إلى العقبة جنوبا . وبعد وفاة صلاح الدين الأيوبي في 4 آذار 1193م أصبح الملك العادل يشاطر أولاد صلاح الدين تركة صلاح الدين ، فعين ابنه الملك العظم عيسى نائبا عنه في الكرك ، فنعمت الكرك في عهده بالهدؤ والرخاء إلى أن توفي سنة 1227م ، وهو الذي بنى قلعة في السلط وقلعة في الأزرق ، وفي سنة 1229م آلت إمارة الكرك الأيوبية إلى الملك الناصر داوود ، الذي عمرها وبنى في الكرك القاعة الناصرية للاستقبالات الرسمية .
وعندما انتهت الهدنة التي كان عقدها الملك الكامل مع فريدريك الثاني عام 636هـ 1238م نقض الصليبيون شروط الهدنة ولم يخرجوا من القدس ، وقاموا بتجديد أسوار القدس ، وتحصين عسقلان ، فأثار هذا غضب الناصر داوود أمير الأردن فحشد جيوشه وحاصر مدينة القدس وهاجم الصليبيين حتى طلبوا الأمان ، فسمح لهم بالرحيل من المدينة دون مال أو سلاح ، وحرر مدينة القدس في بداية سنة 637هـ1239م . وكتب الملك الناصر أمير الأردن إلى الخليفة العباسي المستنصر بالله يبشره بالنصر وتحرير القدس . إلا أن الملك الصالح إسماعيل صاحب دمشق قدم القدس وطبرية وعسقلان للصليبيين ودخل الصليبيون القدس مرة أخرى سنة 641هـ1243م وبقيت في أيديهم سنة واحدة حيث استعان الملك الصالح نجم الدين أيوب بالخوارزمية فحرر القدس من الصليبيين سنة 642هـ 1244م .