قبل اربع سنوات كنا نشارك في منتدى الجزيرة السنوي الذي يضم نخبة من الشخصيات العالمية, التي تتوزع بين القليل من الاعلاميين والباحثين والكثير من فئات اخرى من السياسيين وصانعي القرار و... رجال الاجهزة السرية المختلفة.
كانت المفاجأة الاولى التي حملها لنا المنتدى هي تخصيص جلسة كاملة لأياد علاوي الذي دخل القاعة كرئيس دولة, ولم يتحدث من على منصة المشاركين وانما من على منبر جانبي اقتصر على ضيف الشرف رئيس جنوب افريقيا. والمفاجأة لم تكن هنا وانما في ان علاوي بدا لنا وكأنه يتجاوز صدام حسين لو كان حيا, في ادانة الاحتلال الامريكي وقرارات بريمر وعلى رأسها حل الجيش, والدستور الجديد.. الخ. يومها قيل ان هذا التلميع هو ثمن حصول علاوي على اصوات فئات من العراقيين والبعثيين بشكل خاص. وقد حرصت المذيعة على "فلترة " الاسماء التي طلبت التعليق كي لا يحرجه احد بسؤال عن دوره في هذا الاحتلال.
اما المفاجأة الثانية فهي مشاركة رئيس الاستخبارات الباكستانية السابقة في مناظرة مع مدير السي اي ايه في اسيا. غير ان المفاجأة الحقيقية تمثلت في الثالثة وهي ظهور ثلاثة من قادة طالبان, بينهم وكيل احمد متوكل وزير الخارجية خلال حرب الاحتلال واالمنظر الايديولوجي للحركة (نظيف) ومسؤول ثالث ممن كان قد اعلن انهم قتلوا في المواجهات. اعتلى الثلاثة المسرح, ومعهم خبيران من الانتلجنسيا الامريكية في حوار استمر اكثر من ساعة.
لم يكن ما دار على المنصة هو المهم وانما الترتيبات التي اثمرت هذا الظهور, والخطوات الجديدة التي اريد منه ان يكون مقدمة لها.
كان واضحا ان ثمة ترتيب امريكي كُلّف القطريون باخراجه (ولا يتحدث احد عن وساطة قطرية لان الامر اكبر من ذلك) فلا شك في ان الحوار بدا هناك على الارض, ولكن اعلانه كان يحتاج الى مكان بعيد يصلح مستقبلا كمكان استضافة لمفاوضات معلنة قد لا تضيف الكثير على ما يكون قد اتفق عليه. وهكذا يأتي الان اعلان افتتاح مكتب طالبان في الدوحة, تكريسا للاعتراف بالحركة, واعلانا غير مباشر بقبولها بالشروط الامريكية التي يتقدمها التخلي عن العنف والقبول بكل الاتفاقيات الموقعة وتسهيل خروج الجيش الامريكي من البلاد بطريقة هادئة. وذاك ما سيعقبه بالتأكيد نوع من التحالف مع القيادة التي تنبثق عن ذلك والامريكيين. تحالف قد يندرج في اطار هلال حكم الاسلام السياسي, الذي تريد واشنطن تطويق الصين وروسيا به, وهو يندرج ضمن اعلان الرئيس اوباما بتوجه سياسة بلاده نحو المحيط الهندي ونحو ما يسمى باسيان.
هذا التطويق تستهدف به ايضا باكستان, الدولة الاسلامية الوحيدة التي تمتلك سلاحا نوويا, والتي لم تعترف بعد باسرائيل. ولذلك لجأ الباكستانيون الى العربية السعودية, حليفتهم التقليدية, كما لجأ اليها حميد كرزاي ليجد مكانا في الصفقة.
غير ان ازمة باكستان ابعد من مجرد مشاركة, حيث ترتبط بالتهديد الهندي الذي يتصل بالاسرائيلي, في تركيبة معقدة حيث كانت كراتشي ومعظم الباكستانيين يعتقدون - بحسب ويكيبيديا- ان حركة طالبان وحكيم الله محسود يحصلان على التمويل من الهند وغيرها من اعداء باكستان بما في ذلك اسرائيل. كما قال محمد امير المدرس بجنوب وزيرستان في حوار مع "الشرق الاوسط": "إن حركة طالبان هي جزء من مؤامرة دولية لتقسيم باكستان, وهي مؤامرة تمولها كل من الهند وإسرائيل".
(العرب اليوم)