قبل بضع سنوات وضع طبيب تركي نظرية ظريفة لتفسر سبب الشخير الذي ينتابنا بعد ولوجنا عتبة النوم، فهو يرى أن الشخير ما هو إلا مرض اجتماعي!!، وأن الإنسان لا يشخر إلا احتجاجاً على شيء أزعجه ويزعجه خلال نهاره المرير!!!. محسودون جداً أولئك الذين ينامون سريعاً، وكأن طيف النوم في قبضات أياديهم، فهم ما أن يضعوا رؤوسهم على الوسائد، حتى يبحرون في محيطات الأحلام، ومتعبون أولئك الذين لا تنفع معهم وصفة أو نصيحة، من أجل غفوة خفيفة، حتى ولو كانت تعج بالكوابيس!!!.
وربما عليك أن تلتزم مواعيد منتظمة للذهاب للفراش، كي تنعم بنوم هادئ مستقر، وأن تتجنب المنبهات بعد العشاء، وأن تخفت الأنوار؛ خوف أن توقظ ساعتك الحيوية، وتحاول أن تنسى حماقات الناس معك وأخطاءهم، وتذكر أن تحبهم فقط وتسامحهم، وبهذا سيهبط عليك طائر النوم خفيفاً!!!.
وإذا عنَّ على بالك، في ليلة ما، أن لا ترسو في مرفأ الظلام الهادئ (فراش الزوجية)!!، فما عليك ألا أن (تفغم) رأساً كبيراً من البصل، وفصين سمينين من الثوم، وأن تكرع كأساً دبلاً من (الشنينة)، فهذا لا يكفل أن يطردك المرفأ بنفسه فحسب، بل سيأتيك النوم صاغراً مهفهفاً، حتى لو كان الأرق عليك بثقل جبل!!.
وأن لازمك الأرق الخبيث، فما عليك إلا أن تحتال عليه، كما كنا نحتال عليه في صغرنا، وذلك بأن تعد الخراف البيضاء الصغيرة، التي تقفز من فوق السنسلة (الجدار الحجري)، وبهذا فستنام قبل أن يبلغ العدد العشرين خروفاً!!، وقد تتخيل نفسك أمام سبورة سوداء، وترسم عليها بالطبشورة دائرة كبيرة، ثم ترسم داخلها مربعاً، تكتب فيه99، ثم تمسحه وتكتب 98، ومن ثم 97، وهكذا، فسيدهمك النوم قبل أن تكتب77: جربها!!!.
الرجال في العادة لا يعترفون بأنهم يشخرون في نومهم، ويحق لهم ذلك ما داموا لا يسمعون شخيرهم، لكن إذا صحت نظرية طبيبنا الجميل، فإننا لا بد أن نشخر شخيراً حامي الوطيس، بل أننا سنضع مكبرات الصوت قرب وسائدنا؛ كي نضخم احتجاجاتنا الواهية، ما دمنا غير قادرين على إحداث تغيير حقيقي، أو ما دمنا لا نجرؤ على فتح أفواهنا بكل سعتها، إلا في حضرة طبيب الأسنان!!!.
هناك نيام لا يكتفون بالشخير، بل يمارسون المشي وهم نيام، أو ما يسمى (النومشة) أو السرنمة(السير نوماً)، وهو اضطراب نومي شائع ينتشر لدى البعض يكون للعامل الوراثي تأثير كبير فيه، وقد يكون للأرق دوره أيضاً، والذي يصيبه هذا الاضطراب فإنه يمشي وهو نائم، وقد يأتي بحركات غير مسؤولة، ويتصرف تصرفات حمقاء!!.
النومشة بحاجة إلى طبيب طريف، كطبيبنا التركي، ليدبج ويدوزن لنا نظرية، تفسر سبب مشينا ونحن نيام، فربما سيدعي اننا نمارس النومشة احتجاجاً على أننا لا نمشي مشياً حقيقياً في نهاراتنا المريرة، بل إننا نمشي (مكانك سر) عبر دروبنا المفعمة بالخطوط الحمراء، ولذا نستغل النوم، ونحتج مشياً لنعبر عن كساحنا المزمن الكريه: تعبنا من طريقة مكانك سر، أو مكانك... نم!!!!!
. ramzi972@hotmail.com