حينما يكون الجيش والقضاء هدفا للمغرضين
المحامي محمد الصبيحي
31-01-2012 06:18 PM
رحم الله الامير زيد بن شاكر فقد كان يرى أن الجزء الاكبر من معاناة الشعب اللبناني أثناء الحرب الاهلية كان سببه ضعف الجيش اللبناني وعجزه عن صيانة وحدة الوطن وأمنه .
وحيثما كان الجيش ضعيفا أو مشتبكا في أمور السياسة كان الخطر يتهدد الدول من هذا الجانب , وحيثما كان الجيش قويا محترفا بعيدا عن معارك السياسيين ودسائس الاداريين وسهام الاعلاميين كانت الدولة في الحفظ والصون و وكان كل ما يحدث داخل البيت ( الوطن ) مجرد أختلافات أو مناوشات بين افراد العائلة لايجرؤ أحد على تجاوزها الى المس بالاساسات أو محاولة نقب الجداران .
لقد أرست القيادة الهاشمية منذ اليوم الاول لتأسيس المملكة قواعد ثابتة ونهجا واضحا لبنية الجيش العربي , الجيش المحترف .. سياج الوطن .. حامي الدستور .. نعم مؤسسة عسكرية محترفة للوطن كله بعيدة عن القوى والتيارات السياسية وسياسات الحكومات وصالونات السياسيين وأختلافاتهم , وحتى في وسائل الاعلام فقد كان قلة من كبار الضباط معروفين لوسائل الاعلام أو على أختلاط محدود بوسائل الاعلام ولم يعمل أو يفكر أحد من قيادات الجيش منذ تأسيسه وحتى اليوم بتلميع نفسه أعلاميا , ولا كان الاعلام يسعى الى ذلك من قريب أو بعيد بل أن شؤون القوات المسلحة - باستثناء المناسبات الوطنية – لم تكن محل نشر في التحقيقات الصحفية أو المقالات من منطلق الحرص على النأي بمؤسسة الجيش عن القضايا المحلية والسياسية حفظا لهيبة جيشنا ومكانته وأحترافه وسياساته التي أرستها القيادة .
غير أن ما نراه في زمن الانفلات ( الديمقراطي ) والاعلامي غير المسبوق الان أننا بدأنا نشاهد تجرؤا على مؤسسة الجيش من خلال النيل والتعريض بقياداته ورموزه ,, جرأة ليست بريئة في غالبيتها حتى بدأنا ندرك أن حملات التشكيك التي نالت من كافة مؤسسة الحكومة والنظام وجدت في الجيش والقضاء الحصن الاخير الذي لم يقترب منه أحد فبدأت في التشكيك في البنى والقيادات ورشقها باتهامات الفساد التي تصل الى حد التخوين , وما تلك الا خطوات في سبيل الوصول الى هدفين : الاول اضعاف معنويات القوات المسلحة ورجال القضاء , والثاني الاطاحة بثقة الشعب في الجيش والقضاء ,فمالذي يبقى بعد ذلك ؟؟ أيما دولة يضعف جيشها ويخترق قضاؤها ستتحول الى كعكة يتناوشها الاعداء !! ماذا تعني الحرية والديمقراطية اذا أفقدونا الثقة بالقضاء والجيش ؟؟
أسألوا أنفسكم يا أبناء شعبنا الوفي : مالذي يتبقى من الدولة اذا أهتز الجيش والقضاء ؟؟ أي ديمقراطية وأي حرية وأي أصلاح وأي أمان اذا أفقدونا ثقتنا بجيشنا وأعتمادنا على قضائنا !! مالذي سنفعله ان تركناهم ينهشون سمعة قواتنا المسلحة ويحاولون أفساد قضاءنا وتشويه سمعته ؟!! .
يجب ألا نقبل كأعلاميين ومالكي وسائل نشر أن يكون الجيش وقياداته والقضاء ورجالاته محل نقد وتقييم في وسائل الاعلام ممن هب ودب .. أسماء وهمية وأخرى ليس لها من المعرفة شيء وغيرها عن حسن نية وحرصا على ما يرونه مصلحة عامة , ولكنني أرى أن هذه الاخيرة تفتح الباب للمغرضين للأدلاء بدلوهم وبث سمومهم , ومن هنا فان شؤون القوات المسلحة والقضاء ينبغي أن تظل في عمومها داخل أطر مؤسسة القضاء والجيش ومجلس الامة والاجهزة الرقابية المختصة , ليعالج أي خطأ أو تجاوز من خلالها فقط .. لا يوجد أحد بمنأى عن الخطأ والنقد هذا صحيح , ولكن حين يتحول النقد الى وسيلة وأداة لغايات مشبوهة ومؤامرات دنيئة على الوطن فان القضاء والجيش خط أحمر الا من خلال المؤسسة الدستورية .
سيظل جيشنا وضباطه وأفراده وقضاؤنا ورجالاته محل ثقة وأمل جلالة الملك والشعب كله والحصين لحماية العدل والدستور والوطن .
الرأي