الأردنيون بين شاهين وحماس!
أ.د. أمل نصير
31-01-2012 04:54 PM
شغلت الحكومة السابقة الأردنيين بموضوع سفر شاهين، فمنذ أن خرج إلى أن عاد وكثير من الناس يتابعون التصريحات التي تصدر بشأنه، متكهنين باحتمالية تهريبه ومن هم وراء ذلك، ومن ثمّ ظروف عودته، ووفقا لما نشر عن التحقيق الذي أجرته اللجنة النيابية تكشّفت خيوط تلك المسرحية التراجيوكوميديا؛ أي التي يقوم فيها البطل أو مَن هم حوله بالغريب من الأفعال التي تثير الاشمئزاز أو الضحك، وشر البلية ما يضحك!
جاءت بعد ذلك حكومة الإصلاح مثلما وصفها رئيسها، ورغم ما شاب بعض أسمائها من خلاف اسمها، إلا أننا توسمنا فيها الخير بكل ما تختزنه الذاكرة من صفات القضاة وطريقتهم في معالجة الأمور، ولكن الذي يلفت النظر أنها ومنذ أيامها الأولى أثارت موضوع حماس، وكأن الحكومة جاءت لإصلاح العلاقة مع حماس، وليس لإصلاح ما هو ماثل على الساحة الأردنية من مطالب شعبية، وتهدئة الأجواء للحفاظ على ما تبقّى للأردنيين من وطن وأمن!
لا أحد يستطيع أن يقلل من مكانة حماس النضالية، وما قدمته من قوافل الشهداء، ولا من تمسكها بثوابتها الوطنية، فحماس بما نعرفه عنها تستحق منا كل الاحترام، لكن هذا لا يُجيز لدولة ذات سيادة أن يتحوّل جلّ اهتمامها إلى إصلاح العلاقة مع حماس، وعدم الوقوف على مسافة واحدة من جميع عناصر الحراك الشعبي ومطالبهم، فهذا أمر لا يقبله أحد بمن فيهم المنصفون من حماس نفسها وقد رأوا ما رأوا ما يجري على الساحة السورية رؤية العين لا رؤية وسائل الإعلام فحسب.
إن الأردنيين يفهمون متغيرات السياسة، واستحقاقات الثورات، وأن من حق الحكومة أن تأخذ ما تراه في موضوع حماس وغيرها بما يتوافق مع المصلحة الوطنية الأردنية، مع ضرورة الإعلان الواضح والشفاف عن خفايا هذه العلاقة للشعب، لكن لا يجوز ترك الشارع نهباً للشائعات وصانعي الأخبار، ومدعي معرفة الأسرار وفي هذا الوقت بالذات، كما لا يجوز أن تنشغل عن هموم مواطنيها الذين يتطلعون لرؤية إنجازاتها، وتشغل الإعلام من حولها بموضوعات جانبية، والناس يحرقون أنفسهم، بل يهددون بحرق أولادهم أيضا، فقد بلغت محاولات الانتحار لهذا العام 39 حالة منها 10 في هذا الشهر.
إن التركة التي تحملها حكومة الخصاونة جدّ ثقيلة، لكن الوطن أيضا على مفترق طرق، وهيبة الدولة تتلاشى، ومطالب الناس تتصاعد، مع كل ما هم فيه من فقر وإحباط وصدمة مما يسمعونه عن ملياراتهم وآراضيهم التي نهبها الفاسدون، وهم غير راضين عن أي محاولة لإشغالهم عن همومهم ومطالبهم الرئيسية الواضحة وضوح الشمس من تعجيل وتيرة محاسبة الفاسدين جميعا، وإعادة ما نهبوه إلى خزينة الدولة، وانتهاج سياسة واضحة في التصدي للمشاريع الصهيونية المتعلقة بالأردن، وحلّ مشكلتي الفقر والبطالة، فالشعب يتوقع من رئيس الوزراء الخروج على المواطنين بين الحين والآخر ليخبرهم بما وصلت إليه جهود الحكومة إزاء هذه المطالب، لا بإشغالهم بالعلاقة مع حماس مثلما فعلت حكومة البخيت - مع الفارق الجوهري بين القضيتين- بإشغال الناس بسمسار الفاسدين عن حيتان الفساد!