الخمسون فرح للوطن .. وعرس للاردنيين
ممدوح ابودلهوم
31-01-2012 02:07 AM
أي حبور هو هذا الذي يجتاح ، ومنذ الانبلاجة الأولى لفجر هذا اليوم العظيم ، الساحين الأهم على خارطة جسدي أولاهما أعلى الرأس ، حيث الزهو يعنون ما على الجبين الأشم من فخار وكبرياء ، أما ثانيتهما فوسط الصدر حيث الجوار الأعز يصطف توأماً باسلاً مع الخفق النشموي لفرح الذكرى الماجد ..
حبور أجل أردني هو أيضاً بنبيل تجلياته وجليل محطاته ، قد قدّت حروف ايهابه الهاشمي من الضلوع تنيرها الشموع ، فتسبق البشرى كي تهيب بتسطير باسل التدبيج الوطني المقدس ، حتى إذا ما صدر مرسوم الطيبين بفصل آخر من فصول البيعة الشريفة ، حلت ذكرى مولد جلالة الملك كي تبقى تمور ، وبانتماء سامق الشأن غير مسبوق ، طي سويداء هذا الخافق العاشق لبركات استوت في أوج فرحتنا ، كرامات بين يدي شعار معمورتنا العظيم : ( الله ، الوطن ، الملك ) .
حبور تقدمته بشرى تهيب بالتدوين نشيداً رشيداً لمقام الذكرى السنية ، إذ كانت جيادها المحجلة تعول في 30/1/1962 .. تسابق الريح من على سهوب ونجاد بطين دابوق ، نحو سهول ووهاد الحمر الغالي وتحديداً إلى شامته الأغلى دارة الخير العامرة ، ولما أصبح أجملها جواد التبشرة قاب قوسين من كتاب التذكار قبل خمسين مجداً ، فتحنا الكتاب على الصفحة الأولى فيطالعنا الخبر الأول ، بما مفاده : أن جلالة الملك الحسين وسمو الأميرة منى الحسين قد رزقا بمولود ذكر أسمياه عبد الله ..
إنها إذن الخمسون .. حضرت هي صاحبة النيافة بكامل أناقتها القرشية ، على هودج اليوبيل الذهبي لعمر جلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه ، وما الثلج الأبيض الذي احتل أعلى الرأس الشريفة وغطى الفودين الشريفين ، إلا التوكيد أوسمةً وأنواطاً على أنها حنكة الخمسين ، تصطف .. وبعد عقد من حكم جلالته الوسطي بامتياز الزاهي بإطلاق ، كمعلم كاريزمي مبتدأه بسالة العبقرية وخبره عبقرية البساطة ، إلى جانب حكمة الأربعين وفق منطوق الأولين بأن الأربعين هي سن الحكمة..
قمين بالتنويه هو أيضاً أن صبح يوم ذكرى ميلاد جلالته المبارك هذا ، قد سطر على أفق بَرَديٍّ أبيضَ بلون ثنايا حفيدتي ، ما بمكنتي أن أقرأه على مساحة بين ديمتين كريمتين تتساجلان في سقيا الغيث ، أولاهما ديمة سَمحة القياد أما الثانية فديمة غامرة سكوب ، وقبل أن أبدأ بالقراءة سمعت صوتاً لعله من ملائك هبطن من عليين ، يهتف بأنه قد أورق لدى جلالة شيخ الحمى المفدى شجر الخمسين ، ما يعني ولعلها النظرية الضد بإزاء نظرية الأمس ، بمعنى أن الخمسين قد سقطت من تقويم الأقدمين ، القائلين بأنها أول الشيخوخة وأخذت مكانها على روزنامة الشباب ، وذا جلالة سيدنا الخمسيني بإطلالته اليافعة بجبينه الوضاء وقسماته الوضيئة ، لديل ما تعوزه شهادة وما يحتاج يقين على أن أبا الحسين شاب في الخمسين ..
أعترف ، بعد ، بأني لم آت ، وكما ترون ، لا من قريب ولا من بعيد ، عن سابق عمد ونية مبيتة ، على ما يهرف به بعض الشراذم من موقظي الفتن ما ظهر منها وما بطن ، من تطاولٍ على المقام السامي لجلالة صاحب الذكرى شيخ الحمى الخمسيني الشاب ، بعد كل هذا الذي يبدعه صباحَ مساءَ منذ دستة سنين وحتى يوم الطيبين هذا ، وبعد كل هذا الإصلاح الذي هو أول من نادى به في البلاد بخاصة وفي الوطن العربي بعامة ، وذلك فور تسلم جلالته سلطاته الدستورية ملكاً على البلاد قبل 12 عاماً ، غافلين عن حقيقة شمسية هي أنه يتفوق على نفسه في كل احتشاداته ، ناهيك بحقيقة أخرى ما تقل قيمة وقامة عن الحقيقة السابقة ، وأعني بها مجاهرته بثورته الإصلاحية هذه تطبيقاً وفعلاً لا تنظيراً وقولاً وحسب ، مع أنهم سمعوا جلالته وهو يقول لرؤساء وأعضاء السلطات الثلاث أن لا أحد فوق القانون ، ولرئيس وأعضاء هيئة مكافحة الفساد أن ابني إذا كان فاسداً فحاكموه ، وليس سراً أن جلالته في ذلك كله ينوب عن جميع الأردنيين ، في المركز كما في الأطراف سواء بسواء بمنتهى الشفافية والإنصاف ، يخاطب الحكومة وكل من بيده القرار بتسريع الإصلاح حرصاً على مصالح الوطن والمواطنين ، وبأن المواطن ملّ تسويف الأمور وترحيل الأزمات ويريد أن يرى تنفيذا ملموساً على الأرض ، وبذات الأريحية والمكاشفة والمصداقية يطلب من رموز المعارضة السلمية ، بأعلام جلالته كي يشاركهم في حال القيام بمسيرة تنادي بالإصلاح ..
لم آت أجل على تهاويم هؤلاء الذين يحتطبون الازمات بعتم من ليل ، وينقضون بنهار ما ينسجونه بليل أيضاً من أثياب الجعجعة التي لا تأتي بطحن ، ببساطة لأنني أحد الذين وصلوا إلى خلاصة مقطوعة اليقين ، بأن هؤلاء وهم قلة قليلة لله الحمد فائضون عن الحاجة الوطنية ، واذا بقي لي من كلمة في جلالة الملك في ذكرى ميلاده الخمسين ، فهي أن أردد قول الراحل الجواهري رحمه الله في جلالة الخالد الوالد طيب الله ثراه ، وهي حكمة لطالما قال بها جلالة الملك أيده الله بنصره في أن نهج الحكم لدى جلالته أساسه العدل : ( يا سيدي وفي الضمير رسالة / من خطها في العدل كان رسولا ) ، وكل عام والوطن وقائد الوطن العظيمين بألف خير و .. لنا فرح الذكرى والدعاء بطول العمر لصاحبها المفدى ووطنه الأشم .. ]
Abudalhoum_m@yahoo.com