الهند في ذكرى يومها الثالث و الستين!
أ.د.فيصل الرفوع
30-01-2012 07:11 PM
احتفلت الهند يوم السادس والعشرين من كانون الأول- يناير الجاري بالذكرى الثالثة والستين لعيدها الوطني- يوم الجمهورية. ففي مثل هذا اليوم من عام 1947 أعلنت الهند استقلالها من إستعمار التاج البريطاني الذي استمر لأكثر من مائة وعشرين عاما. وقد ضربت الحركة الوطنية الهندية مثالا في التضحية من اجل الاستقلال والتقدم والازدهار. كما لعبت كافة شرائح المجتمع الهندي دورا مهما وأساسيا في النضال من اجل تأكيد الهوية القومية الهندية. ولم يكن مطروحا على الاجندة الهندية فكرة الدين أو المذهب أو العرق أو القومية طوال عقود مصارعتها للقوة الاستعمارية، بل كان الاستقلال هو الهدف الأساسي للشعب الهندي بأسره، ولم تكن هناك أجندة خاصة لطائفة بعينها أو عرق معين، بل كانت الهند واستقلالها ووحدتها هي الهدف الأسمى لكل الشعب الهندي.
فكان المهاتما غاندي وجواهر لال نهرو ومولانا أزاد ومولانا أبو الكلام ومحمد علي جناح وغيرهم الكثير من رموز الأمة الهندية وقادتها، بهندوسييها ومسلميها وسيخها ومسيحييها وكل أعراقها التي تربو على العشرات، ودياناتها وطوائفها التي تصل إلى المئات، ولغاتها التي تقارب الأربعمائة لغة، كانوا جميعاً مثالاً للتضحية في سبيل الوطن ورفعته، دونما غاية أو منفعة لا تلتقي مع الانتماء للهند وتاريخها العظيم، أو أجندة لا تتواءم ومصلحة الهند!!!
وفي لحظة تيه وغياب للوعي الوطني والقومي، وسيطرة المستعمر، نال «مشرط سايكس - بيكو» «الهندي» من أقدس مبادئ الأمة الهندية والمتمثلة في وحدتها، واخذ في تقسيمها إلى أكثر من دولة، بناء على المعايير الدينية والمذهبية. هذه المعايير التي لم تكن في يوم من الأيام، وطوال تاريخ الهند بما فيه الحقبة الاستعمارية، إلا عامل إثراء للحضارة الهندية، وتجسيد للوحدة والتوحد. وحينما استشرف المهاتما غاندي خطر التقسيم، و كبادرة حسن نية تجاه المسلمين، الذين يقر التاريخ الهندي بدورهم العظيم في بناء الحضارة الهندية بالأمس واليوم وغدا، طلب من محمد علي جناح تشكيل الحكومة، وتوثيق كل ما يعبر عن مصالح المسلمين في إطار الهند الواحدة –الموحدة، وذلك ضمن بنود الدستور الهندي !!!، إلا أن القوى الاستعمارية والنظام الدولي السائد آنذاك كانا في تلك اللحظة أقوى من إرادة الشعب الهندي الذي أنهكته عقود من الحقبة الاستعمارية والتي أتت على كل شيء في طول القارة الهندية وعرضها.
وبالمقارنة مع الحالة العربية، نجد بأننا معشر العرب أحوج ما نكون لإستيعاب الدرس الهندي في التعامل مع مفهوم الانتماء للأمة والوطن، بغض النظر عن الدين أو المذهب أو العرق. فكل معاني التشرذم والانقسام التي تختمر في الأرض الهندية، طوعها الشعب الهندي إلى عوامل وحدة وتوحد وبناء، في اللحظة التي لم يستطع الإنسان العربي إستثمار اي معنى من معاني ومعايير الوحدة العربية، بل على العكس، أخذ الإنسان العربي، وبكل آسف، يستمريء هدم معاني الوحدة لحساب التجزئة والانكفاء القطرييين و على حساب الهم القومي والوحدة العربية. إلا أن الربيع العربي الذي يعيشه الإنسان العربي اليوم، إستطاع أن يعيد الإنسان العربي إلى الثوابت التي بنيت عليها الأمة العربية.
وتخطط الهند لان تتخطى اليابان اقتصاديا في عام 2025 لتصبح ثالث اكبر اقتصاد في العالم، بل يحاول المفكر الاستراتيجي الهندي أن يضع الهند في المرتبة الأولى على سلم الفعاليات الإقتصادية العالمية في عام 2050. ويتمتع الأردن بعلاقات متطورة مع الهند، إقتصادياً وسياسياً، فالهند تعتبر شريكاً إقتصادياً مهماً للأردن. اخيراً، أعتقد بأننا كعرب جديرون بإستيعاب الدرس الهندي لنستطيع أن نجد ذاتنا ونتجاوز تداعيات «داحس والغبراء»!!!
alrfouh@hotmail.com
(الرأي)