أين هي المصالحة الفلسطينية الموعودة، وأين هو الكلام في الهواء الذي تحدّث عن الوحدة الفلسطينية، وتجاوز الماضي القريب، وأين هي الشعارات الطنانة التي ملأت الفضائيات بالتفاؤل بمستقبل يمحو آثار ست سنوات عجاف مخزية من التاريخ الفلسطيني؟.
مشكلة الشعب الفلسطيني المزمنة هي في قيادته ، وهي قصّة قديمة بدأت مع صراعات الحاج أمين الحسيني مع راغب النشاشيبي وجماعاتهما ، وتواصلت مع أحمد الشقيري وصراعاته مع أنظمة ضدّ أنظمة ، واستمرت مع ياسر عرفات وقراره المستقل الذي أبعد العرب عن القضيّة ، وها هي تتكرّر في فلسطين مع السلطة وحماس.
وهو شعب عظيم هذا الذي حافظ على قضيّته مشتعلة ، على الرغم من القيادات التي لم تستطع أن ترى إلاّ مصلحتها الذاتية ، فالحاج أمين قضى أيام زعامته خارج فلسطين ، وياسر عرفات عاد إلى فلسطين ليؤسس دكتاتورية جديدة عمادها البساط الأحمر لاستقباله مع أنّ العدو على الأبواب ، وها هم الفتحاويون والحماسيون يشطبون كلّ الخطوط الحمر ليجعلوا من فلسطين شمالية وجنوبية.
وليس من سبيل للخروج من هذه المأساة التاريخية إلاّ بالعودة لأساسيات الصراع ، فهو عربي اسرائيلي ، وإسلامي يهودي أيضاً ، وعلى القيادات الفلسطينية لو كانت تحمل بقية من ضمير أن تحلّ السلطة الهشّة وغير الموجودة أصلاً ، وتعود إلى الشعب الذي سيقول بصراحة أنّه يفضّل المقاومة على الرضوخ ، والمقاومة ليست فلسطينية فقط ، بل عربية وإسلامية أيضاً.
محزن جداً الوضع في فلسطين ، فالكلّ يقول ما لا يفعل ، والكلّ يفشل الكلّ الآخر ، والمزايدات هي الطاغية على كلّ السياسات ولسنا نرثي فلسطين فقد أثبت الشعب أنّه المصوّب للمسيرة على مدار سنوات الصراع ، ولكنّنا نرثي هؤلاء الذين اتّخذوا من النضال مهنة ولكنّه نضال المزايدين لا أكثر .
الدستور