خالد مشعل في الأردن .. ما الجديد ؟
ياسر ابوهلاله
30-01-2012 02:49 AM
في ظل انسداد الأفق السياسي لعملية التسوية تزداد أهمية حماس، فالرأي العام الإسرائيلي يزداد تطرفا، وبفعل الربيع العربي تراجع الاهتمام الرسمي وخصوصا المصري الذي ظل الراعي الأول للتسوية. وحتى قبل ذلك توجد "عملية تسوية" ولا توجد "تسوية". لكننا اليوم أمام توزيع جديد لخارطة القوى يضر في المدى القريب بالقضية الفلسطينية ويخدمها بالمديين المتوسط والبعيد. انهار النظام المصري بوصفه عماد دول الاعتدال، في المقابل تراجع المحور الممانع في ظل الانهيار الوشيط للنظام السوري وانحسار النفوذ الإيراني.
الأعلام الفلسطينية لم ترفع في حرب غزة في مصر لكنها اليوم حاضرة دائما في ميدان التحرير والفتية يقتحمون السفارة الإسرائيلية عنوة ويرفعون العلم الفلسطيني في ميدان التحرير ، وفي تونس يتستقبل إسماعيل هنية من أركان الدولة ومن الشارع استقبال الفاتحين، وعندما زرتها في ذكرى انتصار الثورة كان لافتا ارتفاع العلم الفلسطيني في شارع بورقيبة إلى جوار العلم التونسي. عادت القضية الفلسطينية إلى ضمير الشعوب وغادرت ملفات الأنظمة، وهنا تبرز أهمية حماس، بوصفها حركة مقاومة لا بوصفها ممثلا حصريا للشعب الفلسطيني.
يعود خالد مشعل إلى عمان في أجواء الربيع العربي، وسبق الزيارة تصريحات غير مسبوقة لرئيس الوزراء تعتبر الإبعاد غير دستوري وغير قانوني، تصريحات عون خصاونة، استفزت المتطرفين في الجانبين الفلسطيني والأردني ، ناهيك عن الدوائر الأميركية والصهيونية. أوساط اليمين المتصهين في السلطة الفلسطينية اعتبرتها انقلابية، وشاركتها أوساط اليمين الأردني المتطرف، الذي لا يتورع عن رفع شعار حسني مبارك" أحب فلسطين وأكره الفلسطينيين".
تصريحات الخصاونة صدرت عن قاض يستشعر المسؤولية الدستورية والأخلاقية قبل السياسية، لكنها في الوقت نفسه تمثل استعادة للسياسية الأردنية منذ وحدة الضفتين التي تعتبر القضية الفلسطينية شأنا داخليا. فبهجت أبو غربية شيخ المناضلين الفلسطينيين الذي قاتل دفاعا عن القدس هو أردني مثل حابس المجالي الذي قاتل عن القدس بوصفها حمى عربيا وليس أرضا أردنية آنذاك . دفن أبو غربية في عمان، لكن إرثه في القدس، ولا يجوز أن يخير بين فلسطينيته وأردنيته،وقبله دفن جورج حبش وغيرهما من المناضلين.
عاد خالد مشعل إلى عمان عندما دفن والده فيها، وهو كأبو غربية كان رفيقا لعبد القادر الحسيني في معارك القدس. ومن السخف البحث في جواز سفره أو جواز سفر محمود عباس،وغير ذلك من سخافات التجنيس والتوطين، المهم هو كيف يتعامل الأردنيون مع القضية الفلسطينية بما يخدمها ويخدم وحدتهم الوطنية.فهي ليست ملفا في أدراج الخارجية بل هم يومي يؤرق كل أردني.
على العنصريين أن يتذكروا أن النظام في الأردن ، وبعد أحداث السبعين المؤسفة لم يتردد باستقبال القيادات الفلسطينية من الفصائل كافة.والمشكلة الوحيدة مع تلك الفصائل كانت العمل المسلح انطلاقا من الأردن. وحتى بعد إبعاد قادة حماس ظلت العلاقات قائمة على مستوى أمني. اليوم المطلوب أن تكون العلاقات سياسية لا أمنية.والوضع الدولي والإقليمي يخدم ذلك، فالمصالحة الفلسطينية قطعت شوطا بعيدا، ونظام مبارك انهار ، والنظام السوري على الطريق. وليس لدى الأسرائيلي ما يقدمه . من المهم أن يسهم الأردن في تشكيل المشهد الفلسطيني الجديد ، بالانفتاح على القضية الفلسطينية بآفاقها الرحبة، لا على حماس وحدها، وذلك كله يخدم الجبهة الداخلية بحيث يكون الصراع العربي الإسرائيلي عامل تجميع لا عامل تفريق.
الغد.