نقابة المهندسين و المقاومة؟
أ.د.غالب العباسي
29-09-2007 03:00 AM
تعتبر نقابة المهندسين الأردنيين من أكبر النقابات المهنية الأردنية عدداً و أكثرها حركه إعلامياً وسياسياً و تأثيراً في المجتمع و أنشطها نقابياً و أغناها أموالاً، حيث بلغ عدد المهندسين المسجلين حوالي (65) إلف حتى نهاية عام 2006 ويتوقع تزايدهم بأكثر من (3,500) مهندس سنويا مستقبلا، و بلغت القيمة الدفترية لمحفظة صندوق النقابة حوالي (41) مليون دينار بينما وصلت القيمة السوقية لها إلى أكثر من (85) مليون دينار.وفي سياق متصل نصت المادة السادسة من قانون نقابة المهندسين للعام 1972 على أن تمارس النقابة نشاطها مستهدفة تحقيق تسعة أهداف نذكر منها: "تنظيم مزاولة المهنة ابتغاء الارتفاع بمستواها العلمي والمهني والانتفاع بهِ في التعبئة الاقتصادية والحضارية والقومية "، و "المساهمة في تخطيط وتطوير برامج التعليم والتدريب الهندسي والصناعي والمهني والعمل على رفع كفاءة العاملين في الحقل الهندسي".
على العكس من ذلك، تقوم النقابة حاليا بتسجيل المهندسين الجدد في واحد من ستةِ شعب رئيسة هي:" الكهرباء، المدني، الميكانيك، العمارة، المناجم والتعدين و الكيماوي" دونما التفاف للتخصصات والتطورات الحديثة في مجالات علم الهندسة. فعلى الرغم من قيامها بتعديل نظامها الداخلي عام 2002 إلا أنها أبقت على التخصصات الرئيسة كما هي في قانونها للعام 1972 وقاومت التغير والتحديث في تخصصاتها. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لا تزال نقابة المهندسين تـُسجل خريجي تخصص "هندسة الحاسب الآلي"، "هندسة الميكاترونكس"، "الهندسة الطبية" و "الهندسة الصناعية" وغيرهم من التخصصات الحديثة ضمن شعب الهندسة الرئيسة الستة القديمة بالرغم من بُعد هذه التخصصات أو قـُربها عن تلك الشعب و وجود كليات هندسية متخصصة تمنح تلك الدرجات العلمية واعتراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بتلك التخصصات.
على الرغم من الحداثة النسبية لتخص "الهندسة الصناعية"، إلا أنه قد أصبح بالفعل واحداً من أكبر المجالات الهندسية وأسرعها نموا، حيث أدى التزايد في تعقيد المنظمات الصناعية والخدمية الحديثة وتأكيدها على الجودة وزيادة الفعالية والإنتاجية إلى زيادة الطلب على جيل جديد من هؤلاء الخريجين، إلا أن "المهندس الصناعي" لا يزال "منكراً" من قبل النقابة و يسجل ضمن شعبة "الهندسة الميكانيكية" والتي تشتمل على ستة تخصصات هي: "الهندسة الميكانيكية، هندسة الحراريات، هندسة الآلات، هندسة وسائل النقل، الهندسة الصناعية و هندسة المواد". قد تزداد أو تقل العلاقة ما بين هذه التخصصات، لكن هناك بعد شاسع بين الهندسة الميكانيكية والهندسة الصناعية ولا يجوز تصنيفها ضمنها إذ أنها علم له مساقات و أهداف ورؤى مختلفة تماما.
لا نختلف في دور النقابة الإيجابي على المهنة والوطن وفضلها في الكثير من مجالات حياة المهندسين الأردنيين سواء جهدها لتنظيم المهنة وتطويرها، التنسيق مع الجهات المختلفة داخل وخارج المملكة، التأمين الصحي، التقاعد، بيع قطع الأراضي (على الرغم من ارتفاع أسعارها)، التدريب وإعادة التأهيل المميز وخصوصا في السنوات الأخيرة، إلا أن هناك الكثير الكثير لا يزال بمقدور النقابة تقديمه مثل تحديث التخصصات في الشعب، تطوير امتحانات للمهنة كغيرها من المهن الأخرى في دول العالم المتقدم واستحداث تصنيفات للمهندسين مثل "مهندس محترف"، بالرغم من أهمية الأجندات الأخرى.
في ضوء متطلبات الديناميكية التي تفرضها علينا القرية العالمية و العولمة الحالية، فقد آن الأوان لنقابتنا العمل و الطلب من الجهات المختصة لمراجعة تعليماتها التي مضى على بعضها عشرات السنين، و نظامها الداخلي الذي مضى عليه خمس سنوات و قانونها الذي مضى عليه أكثر من ربع قرن، وكما يقول المثل "الطمع بالأجاويد".
abbasi@ju.edu.jo