عجز موازنة 2012 بعد المنح لعام سيبلغ , 1027 مليون دينار وباضافة عجز جميع الوحدات الحكومية المستقلة والمقدر بحوالي (937) مليون دينار فسيبلغ العجز نحو 1964 مليون دينار , وفي حال تم شطب 350 مليون دينار من المنح المقدرة بنحو 870 مليون دينار كما تطالب اللجنة المالية في مجلس النواب فإن العجز سيرتفع الى 2314 مليون دينار .
أي أن على الحكومة تدبير ما يساوي هذا المبلغ لتغطية العجز الذي يقابله نفقات مرصودة , في بندي الإنفاق الجاري والرأسمالي .
في خطة الحكومة المالية نقرأ توجهها لإقتراض نحو 1500 مليون دينار من السوق المحلية وتدبير ما تبقى من العجز المقدر من مصادر خارجية , وقد أفلحت مؤخرا بالحصول على قرض من البنك الدولي قدره 250 مليون دينار قدم بإعتباره إنجازا , يدلل على أن الحيز المالي للإقتراض الخارجي لا يزال بصحة جيدة !!.
انتهت السنة المالية 2011 على دين عام داخلي وخارجي قدره 13260 مليون دينار مشكلاً ما نسبته 65% من الناتج المحلي الاجمالي , فيما تشي خطة الإستدانة الداخلية والخارجية بأن هذا المبلغ سيزيد بنحو ملياري دينار إضافيين في حال صادقت التطورات التوقعات , ما يعني أن نسبة الدين الى الناتج المحلي الإجمالي بحسب فرضيات الموازنة لن تصمد عن الحد المتوقع , إن لم تتجاوزه بفارق كبير .
في وقت سابق جرى رفع تقديرات الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من اللازم ظنا بأن ذلك سيخفي الإرتفاع الخطر للمديونية , لكن حتى مع مثل هذا التضليل تجاوز الدين العام سقفه المحدد بقانون الدين العام 60 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي ، بفارق خمسة بالمئة فهل نتوقع تعديل جديد للسقف خصوصا وأن قانون الدين العام اعطى مجلس الوزراء الصلاحية لإجراء ذلك ؟.
بعيدا عن فلسفة قياس حجم الدين بالناتج الإجمالي , هناك من يرى أن تجاوز السقف المحدد بخمسة بالمئة مثلا لن يرتب كارثة مالية كبيرة بل على العكس سيمنح الحكومة مساحة في الحيز المالي المتاح للإقتراض . فبعض الدول لم تجد في ذلك قدسية فتجاهلته وفي مقدمة هذه الدول الولايات المتحدة التي تجاوز دينها 100 بالمئة من ناتجها المحلي الإجمالي , لكن مخاطر رفع سقف الدين نسبة الى الناتج المحلي الإجمالي , هو تجاوز للحد الآمن , وبقاء الدين في حدود النسب المقبولة يجعله قابلا للسيطرة كما أن مثل هذه المقارنة تسهل قياس حالة الاقتصاد بصفة عامة فكلما زادت نسبة العجز في الميزانية وزاد حجم الدين العام فإن ذلك سيكون حتما على حساب النمو ناهيك عن إستنزاف الكثير من السيولة التي يفترض أن تستغل في الاستثمارات وفي البنية التحتية والمشاريع التي تتغذى من تباطؤها البطالة.
المشكلة الأهم هي تلك التي تكمن في مزاحمة الحكومة للقطاع الخاص على السيولة المتاحة للإقراض , فتوجه الحكومة الشره للإقتراض الداخلي يجعلها من الزبائن المميزين لدى البنوك مقارنة مع القطاع الخاص المصنف بالخطر , نظرا لتراجع النشاط الإقتصادي , وتعثر السداد .
(الرأي)