ليس مقبولا ابدا اللجوء العربي الى مجلس الامن الدولي لدعم خطة الجامعة العربية حول سورية ..ليس لأن الهدف حماية نظام الحكم السوري من عقوبات فرضت او قد تفرض عليه عربيا ودوليا ..
ولكن تجنبا لتدخل قوات «النيتو»- حلف شمال الاطلسي -بقيادة واشنطن ومشاركة حلفائها في دول الاتحاد الاوروبي والقيام بهجمات جوية مدمرة على دمشق والمحافظات السورية الاخرى..
وهي فرصة انتظرتها واشنطن والعواصم الاوروبية طويلا للانتقام من سورية ومن نظام الحكم فيها..
نحن لم نؤيد يوما تغييب الديموقراطية والحريات العامة والتعددية السياسية واحترام حقوق الانسان في سوريا ..ولم نكن يوما نؤيد سياسة القمع ضد اطراف وقوى المعارضة السورية النزيهة، ولا نؤيد اليوم استخدام القوة العسكرية من قبل الجيش والاجهزة الامنية ضد قوى المعارضة الوطنية السورية..وفي الوقت نفسه لا نؤيد التظاهرات المسلحة والاعتداء على المواطنين المدنيين او على اجهزة الامن وعناصر الجيش باسم المعارضة التي تعمل لاسقاط نظام الحكم وهي في الحقيقة تدفع البلاد الى حرب اهلية مدمرة تحصد ارواح عشرات الالاف من المدنيين العزل..
ان دعوة بعض اطراف المعارضة السورية لتدخل مجلس الامن الدولي ثم قوات «النيتو» عسكريا لن يكون ابدا في مصلحة سورية لا حاضرا ولا مستقبلا.. ذلك ان الدول المشاركة في قوات «النيتو» لا يهمها مطالب الشعب السوري باطلاق الحريات والديموقراطية والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان ، بل تهمها مصالحها الاستعمارية التي خبرتها شعوبنا العربية وجربتها في عهد الاستعمار الغربي في المنطقة..
ان تجربة التدخل الاجنبي وقوات «النيتو:» في ليبيا وما اسفرت عنه من عواقب مأساوية رهيبة ومن ابادة بشرية وتدمير لكل شيء اقتصادي او بيئي او خدمي او صحي او تعليمي او حضاري يجب ان تمثل درسا تتعظ منه وتتجنبه المعارضات العربية حيثما كانت..فدعوة القوات الاجنبية انما تعني دعوة الاستعمار الغربي والمستعمرين لبسط هيمنتهم العسكرية والسياسية والاقتصادية على الدول والشعوب العربية ..
واذا ما فشلت المبادرة العربية الحالية فعلى الدول العربية الجادة والراغبة فعلا في انهاء الازمة السورية ، العمل على التوصل الى مبادرة ثانية وحتى ثالثة ورابعة اذا لزم الامر..
فالازمات العربية يجب حلها عربيا ومن القوى الحريصة على ايجاد حلول ومخارج ناجحة لهكذا ازمات..
وينبغي ملاحظة ان دول الاتحاد الاوروبي لم تحاول حل ازمة اليونان او ازمة ايطاليا او ازمات غيرهما بالتدخل السياسي او العسكري لاسقاط انظمة الحكم هناك.. بل قدمت لها كل اشكال الدعم المالي وغيره لانقاذها من ازمتها..
ان على المعارضة السورية الوطنية افشال محاولات دعوة القوى الاجنبية للتدخل عسكريا او اقتصاديا او سياسيا في الشأن السوري .. فالذي يتضرر من هكذا تدخل هو الشعب السوري نفسه..
والذين جاؤوا على ظهور الدبابات الامريكية والبريطانية ، لم ينقذوا الشعب العراقي من ازمته، بل زادوا انواعا اخطر من الازمات ..فكانت حرب الابادة والتدمير والتهجير هي العنوان الصارخ لذلك الغزو ، وليس الديموقراطية والحريات..


(الرأي)